للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَعْني: قَصْده الذي جاء في ثَلَاثٍ: مَنْ أحبَّ أن يوتر بخَمْسٍ فَلْيَفعل، ومَنْ أحبَّ أن يوتر بثَلَاثٍ، فَلْيَفعل؛ فسمَّاه وترًا.

* قوله: (وَيَشْهَدُ لِاعْتِقَادِهِ أَنَّ الوِتْرَ هُوَ الرَّكْعَةُ الوَاحِدَةُ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: كَيْفَ يُوتِرُ بِوَاحِدَةٍ لَيْسَ قَبْلَهَا شَيْءٌ، وَأَيُّ شَيْءٍ يُوتَرُ لَهُ؟ وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "تُوتِرُ لَهُ مَا قَدْ صَلَّى" (١)).

هذا تتمَّة للحديث الماضي، وكان الأحْسَن أن يأتي به المؤلف؛ لأنه ربما لا ينتبه له القارئ في مثل هذه الحالة، وتتمة لحديث: "صَلاةُ اللَّيل متنى مثنى، فإذا خَشِيَ أحدُكُم الصُّبحَ، فَلْيُصَلِّ ركعةً تُوتِرُ له ما قَدْ صلَّى".

"تُوتِرُ له"، أَيْ: تكون وترًا لما صلَّى.

* قوله: (فَإِنَّ ظَاهِرَ هَذَا القَوْلِ أَنَّهُ كَانَ يَرَى أَنَّ الوِتْرَ الشَّرْعِيَّ هُوَ عَدَدُ الوِتْر بِنَفْسِهِ، أَعْنِي: الغَيْر مُرَكَّب مِنَ الشَّفْعِ وَالوِتْرِ).

يَعْني: يرَى أن الوترَ هو هَذِهِ الرَّكْعة؛ المُرَادَة بقَوْله: "تُوتِرُ له ما صلَّى".

* قَوْله: (ذَلِكَ أَنَّ هَذَا هُوَ وِتْرٌ لِغَيْرِهِ، وَهَذَا التَّأْوِيلُ عَلَيْهِ أَوْلَى، وَالحَقُّ فِي هَذَا: أَنَّ ظَاهِرَ هَذِهِ الأَحَادِيثِ يَقْتَضِي التَّخْيِيرَ فِي صِفَةِ الوِتْرِ مِنَ الوَاحِدَةِ إِلَى التِّسْعِ عَلَى مَا رُوِيَ ذَلِكَ في فِعْلِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- (٢)، وَالنَّظَرُ إِنَّمَا هُوَ فِي: هَلْ مِنْ شَرْطِ الوِتْرِ أَنْ يَتَقَدَّمَهُ شَفْعٌ مُنْفَصِلٌ؟).

هذا كلامٌ جيدٌ من المؤلف؛ فهذه الأدلة لا تدلُّ على التحتُّم، وإنما الأمر بالخيار لمَنْ يوتر، وهذا يعود إلى نشاطِهِ وقدرتِهِ ومداومتِهِ، فربما


(١) أخرجه البخاري (٩٩٠) ومسلم (٧٤٩/ ١٤٥) عن ابن عمر: أن رجلًا سَألَ رسولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عن صلاة الليل، فقال رسول اللَّه عليه السلام: "صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشي أحدكم الصبح، صلى ركعةً واحدةً توتر له ما قد صلى".
(٢) تقدَّم تخريج هذه الأحاديث بجميع رواياتها.

<<  <  ج: ص:  >  >>