للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا تُحْمد، فلا ينفعه ذلك، ولا يَسْتفيد منه ذلك، وَإن استفاد، فَهُوَ شيءٌ قليلٌ.

ثم يختم المؤلف ما ذكره بأن علينا أن نُمْعن (١) النظر، والفكر في هذه المسألة، وخلاصتها: هل يُشْترط أن يسبق الوتر شفعٌ أم لا؟

* قَوْله: (أَمْ لَيْسَ ذَلِكَ مِنْ شَرْطِهِ؟ فَيُشْبِهُ أَنْ يُقَالَ: ذَلِكَ مِنْ شَرْطِهِ، لِأَنَّهُ هَكَذَا كَانَ وِتْرُ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وَيُشْبِهُ أَنْ يُقَالَ: لَيْسَ ذَلِكَ مِنْ شَرْطِهِ؛ لِأَنَّ مُسْلِمًا قَدْ خَرَّجَ: "أَنَّهُ -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ- كَانَ إِذَا انْتَهَى إِلَى الوِتْرِ، أَيْقَظَ عَائِشَةَ فَأَوْتَرَتْ" (٢)).

وَجْهُ الدلَالة من هَذَا الحديث أنَّ رَسُولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يَقُوم الليل فيتهجد، يحيي لَيْله بالصلاة والعبادة، فكان إذا وَصَل إلى الوتر، أيقظ عائشة، ولم يكن يوقظها قبل ذلك، فَدلَّ ذلك على أن الوترَ هو الركعة الأخيرة.

* قَوْله: (وَظَاهِرُهُ أَنَّهَا كَانَتْ تُوتِرُ دُونَ أَنْ تُقَدِّمَ عَلَى وِتْرِهَا شَفْعًا. وَأَيْضًا فَإِنَّهُ خَرَّجَ مِنْ طَرِيقِ عَائِشَةَ: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- كَانَ يُوتِرُ بِتِسْعِ رَكَعَاتٍ يَجْلِسُ فِي الثَّامِنَةِ وَالتَّاسِعَةِ، وَلَا يُسَلِّمُ إِلَّا فِي التَّاسِعَةِ، ثُمَّ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ وَهُوَ جَالِسٌ، فَتِلْكَ إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً) (٣).

انْتقَل المؤلف إلى نوعٍ آخَرَ من الوتر، وهو أن رسول -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يُصلِّي تسعًا، وهذه التاسعة هي الوتر، لكنه يجلس بعد ذلك فيُصلِّي ركعتين، والركعتان شفعٌ لا وتر، فدل على أنه يجوز أن يصلي أيضًا الشفع بعد الوتر.


(١) "أَمْعَن في الطلب": إذا بالغ في الاستقصاء. انظر: "المصباح المنير" للفيومي (٢/ ٥٧٦).
(٢) أخرجه البخاري (٥١٢)، ومسلم (٥١٢/ ٢٦٨)، عن عائشة، قالت: "كان النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- يصلي وأنا راقدة معترضة على فراشه، فإذا أراد أن يوتر، أيقظني فأوترت".
(٣) تقدَّم تخريجه قريبًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>