للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله: "ثم يصلي ركعتين وهو جالس"، إنما كان بعد أن أَسنَّ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وكثر لحمُهُ، وفي هذا بيان مداومته -صلى اللَّه عليه وسلم- مع كبر سنِّه- على ما كان يعمله وقت قوته ونشاطه وشبابه.

* قوله: (فَلَمَّا أَسَنَّ (١)، وَأَخَذَ اللَّحْمُ، أَوْتَرَ بِسَبْعِ رَكَعَاتٍ، وَلَمْ يَجْلِسْ إِلَّا فِي السَّادِسَةِ وَالسَّابِعَةِ، وَلَمْ يُسَلِّمْ إِلَّا فِي السَّابِعَةِ، ثُمَّ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ وَهُوَ جَالِسٌ، فَتِلْكَ تِسْعُ رَكعَاتٍ" (٢)، وَهَذَا الحَدِيثُ: الوِتْرُ فِيهِ مُتَقَدِّمٌ عَلَى الشَّفْعِ، فَفِيهِ حُجَّةٌ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ شَرْطِ الوِتْرِ أَنْ يَتَقَدَّمَهُ شَفْعٌ).

وَهُنَا مسألةٌ قَدْ يعرض لها المؤلف، وهي: لو أنَّ إنسانًا صلى وِتْرَه قبل أن ينامَ، ثم استيقظ، هل يصلي الوتر مرة ثانية -وهو ما يعرف عند الفقهاء بنقض الوتر- أو أنه يصلي شفعًا فقط؟ أو يصلي شفعًا ثم يوتر مرةً أُخرى؟ هذا كله فيه كلام، ولعل المؤلف يعرض له في آخر المسألة (٣).

* قوله: (وَأَنَّ الوِتْرَ يَنْطَلِقُ عَلَى الثَّلَاثِ، وَمِنَ الحُجَّةِ فِي ذَلِكَ مَا رَوَى أَبُو دَاوُدَ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ قَالَ: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-. . .).

أُبيُّ بن كعبٍ، صحابيٌّ جليلٌ أثنى عليه رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بقوله:


(١) "أسن الرجل": كبرت سنه. انظر: "المحكم والمحيط الأعظم" لابن سيده (٨/ ٤١٦).
(٢) جُزء من حديث طويل أخرجه أبو داود (١٣٤٢) وغيره عن عائشة قالت: "كان يوتر بثمان ركعات لا يجلس إلا في الثامنة، ثم يقوم، فيصلي ركعة أُخرى، لا يجلس إلا في الثامنة والتاسعة، ولا يسلم إلا في التاسعة، ثم يصلي ركعتين وهو جالسٌ، فتلك إحدى عشرة ركعة يا بني، فلما أسن وأخذ اللحم، أوتر بسبع ركعات، لَمْ يجلس إلا في السادسة والسابعة، ولم يسلم إلا في السابعة، ثم يُصلِّي ركعتين وهو جالس، فتلك هي تسع ركعات يا بني. . . ". الحديث، وصححه الأَلْبَانيُّ في "صحيح أبي داود" (١٢١٣)، وأصله في مسلم.
(٣) سيأتي تفصيل ذلك قريبًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>