للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يريد دائمًا بهم اليُسْرَ، ولا يريد بهم العسرَ؛ كما أخبرنا -تَبارَك وتَعالَى- في الآية الكريمة (١).

* قوله: (. . . يُوتِرُ بِسَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى، وَقُلْ يَا أَيُّهَا الكَافِرُونَ، وَقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ" (٢)).

هذه مَسْألةٌ أُخرى، وهي ما يقرأ في الوتر.

وَهَذا الحديثُ قد يكون حُجَّةً لمن يقول: الوتر ثلاث؛ لأنه جَاءَ في أحاديثَ صَحيحَةٍ أن الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يقرأ في الركعة الأولى: بـ {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى (١)}، وفي الثانية بسورة {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ (١)}، وفي الثالثة بسورة الإخلاص {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (١)}.

وهذا عند الأئمة (٣)، وعند الشافعي يرى أنه في الركعة الثالثة يقرأ بسورة الإخلاص والمعوذتين (٤)، وقَدْ ورد ذلك أيضًا في حديثٍ صحيحٍ أنه قرأ في الثالثة مع {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (١)} بالمعوذتين.


(١) لعل مقصد الشارح أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- رؤوف بأمته كما في قوله تعالى: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَاعَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (١٢٨)}.
وأما قوله: "فهو يريد دائمًا بهم اليُسْر ولا يريد بهم العسر"؛ فَهَذا للَّه سبحانه وليس لرسوله -صلى اللَّه عليه وسلم-؛ كما في قوله تعالى: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ}.
(٢) أخرجه أبو داود (١٤٢٣) وغيره، وصححه الأَلْبَانيُّ في "صحيح أبي داود" (١٢٧٩).
(٣) هذا مذهب الحنفية والحنابلة، وليس كما قَالَ الشَّارح عند الأئمة، فقَدْ ذهب المالكية إلى ما ذهب إليه الشافعية كما سيأتي.
فَمَذْهَب الحنفية، يُنْظر: "الدر المختار" للحصكفي، وحاشية ابن عابدين (٢/ ٥) حيث قال: "يقرأ في كل رَكْعَةٍ منه فاتحة الكتاب وسورة إحتياطًا، والسُّنَّة السور الثلاث، وزيادة المعوذتين لم يَخْتَرها الجمهور".
ومَذْهب الحنابلة، يُنظر: "شرح منتهى الإرادات" للبهوتي (١/ ٢٣٩) حيث قَالَ: "وإذا أوتر بثلاثٍ، فإنه يقرأ ندبًا في الأولى بسبح بعد الفاتحة، وفي الثانية: {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ (١)} بعدها، وفي الثالثة: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (١)} ".
(٤) وهذا ليس عند الشافعية فقط، بل والمالكية أيضًا.
لمَذْهب المالكية، يُنظر: "الشرح الكبير" للدردير وحاشية الدسوقي (١/ ٣١٥) حيث =

<<  <  ج: ص:  >  >>