للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخلاف بينهما في الأفضلية؛ هل الأفضل أن يصلِّي الوتر في أول الليل أو وسطه أو آخره؟ (١)

نُقل عن أبي بكرٍ -رضي اللَّه عنه- أنه كان يصلي الوتر أول الليل، ونُقِلَ عن عمرَ أنه كان يُصلَيه آخره، وأن الرَّسُولَ -صلى اللَّه عليه وسلم- وصف كل واحدٍ منهما بصفةٍ، فوصف أبا بكرٍ بأنه أحزم، ووصف عمرَ بأن صلاته صلاة قوة (٢)، لكن المعروف أن الرسولَ -صلى اللَّه عليه وسلم- صلَّى في أوَّل الليل، وفي وسطه، وفي آخره، وأنه استقرَّ الأمر منه على الإيتار في السَّحَر؛ كَمَا في حديث عائشة (٣)، ولعل المؤلف يُشير إليه.

* قوله: (لِوُرُودِ ذَلِكَ مِنْ طُرُقٍ شَتَّى عَنْهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ،


(١) مذهب الحنفية، يُنظر: "بدائع الصنائع" للكاساني (١/ ٢٧٢) حيث قال: "مَنْ صلَّى الفجرَ وهو ذاكرٌ أنه لم يوتر، وفي الوقت سعةٌ، لَا يَجُوز عنده، لأنَّ الواجبَ ملحقٌ بالفرض في العمل، فيجب مُرَاعاة الترتيب بينه وبين الفرض، وعندهما يجوز؛ لأن مُرَاعاة الترتيب بين السُّنَة والمكتوبة غير واجبة، ولَوْ ترك الوتر عند وقته حتى طلع الفجر، يجب عليه القضاء عند أصحابنا".
ومذهب المالكية، يُنظر: "التاج والإكليل" للمواق (٢/ ٣٧٩) حيث قال: "وفعله لمُنْتبهٍ آخر اللَّيل ابن يُونُس: الأفضل عند مالكٍ تأخير الوتر إلى آخر الليل لفضيلة قيام الليل إلَّا لمَنْ يكون الغالب عليه ألَّا ينتبه، فالأفضل أن يوتر، ثم ينام؛ لأن في نومه قبله تغريرًا بالوتر".
ومذهب الشافعية، يُنظر: "نهاية المحتاج" للرملي (٢/ ١١٤، ١١٥) حيث قال: "ويُسَنُّ لمَنْ وثق بيقظته، وأراد صلاةً بعد نومه جعله أي: جَميع وتره آخر صلاة اللَّيل".
وَمَذْهب الحنابلة، يُنْظر: "مطالب أولي النهى" للرحيباني (١/ ٥٥١) حيث قال: "وفعله آخر ليلٍ لمَنْ يثق بنفسه أن يقوم فيه أفضل".
(٢) أخرجه أبو داود (١٤٣٤)، وَغَيره عن أبي قَتادَة، أن النَّبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قال لأبي بَكْرٍ: "متى توتر؟ "، قال: أوتر من أول الليل، وقال لعمر: "مثى توتر؟ "، قال: آخر الليل، فقال لأبي بكر: "أخذ هذا بالحزم"، وقال لعمر: "أخذ هذا بالقوة"، وصححه الأَلْبَانيُّ في "صحيح أبي داود" (١٢٨٨).
(٣) تقدَّم تخريجه قريبًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>