للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* قوله: (أَعْنِي: أَنَّهُ لَيْسَ يُنْسَبُ إِلَى الإِجْمَاعِ مَنْ لَمْ يُعْرَفْ لَهُ قَوْلٌ فِي المَسْأَلَةِ).

مرادُهُ أن بعضَ العلماء إذا تكلَّم عن مثل هذه المسألة قال: إذا اتفق الصَّحابة على رأيٍ ولم يُعْرف لهم مخالفٌ، كان إجماعًا (١).

فهؤلاء ستة من الصحابة فعلوا ذلك، ولم يقل أحدٌ منهم قولًا، وإنما نُقِلَ عنهم الفعل، فهل يُنْسب إلى هذا الساكت قولٌ (٢)؟ بمعنى أن يُقال: إن ذلك من السُّنة، أو لا يُقَال ذلك، وإنما ذلك فعلٌ لهم؟ الصَّحيح أنَّ ذلكَ دليلٌ على الجواز.

لكن هل فعلوا ذلك أداءً في وقته، فيكون أداءً، أو فعلوه بعد وقته، فيكون قضاءً بعد وقته لخروج وقت الوتر؟ فمع هذا الاحتمال لا يكون ذلك دليلًا على أن ما بين طلوع الفجر إلى إقامة الصلاة أو إلى ما قبل إقامة الصلاة وقتٌ ممتدٌّ للوتر.

* قوله: (وَأَمَّا هَذِهِ المَسْأَلَةُ، فَكَيْفَ يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ: إِنَّهُ لَمْ يُرْوَ فِي ذَلِكَ خِلَافٌ عَنِ الصَّحَابَةِ، وَأَيُّ خِلَافٍ أَعْظَمُ مِنْ خِلَافِ الصَّحَابَةِ الَّذِينَ رَوَوْا هَذِهِ الأَحَادِيثَ - أَعْنِي: خِلَافَهُمْ لِهَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَجَازُوا صَلَاةَ الوِتْرِ بَعْدَ الفَجْرِ).


(١) هذه المسألة يعبر عنها الأصوليون بـ "الإجماع السكوتي".
يُنظر: "روضة الناظر" لابن قدامة (١/ ٤٣٤) قال: "إذا قال بعض الصحابة قولًا، فانتشر في بقية الصحابة، فسكتوا، فإن لم يكن قولًا في تكليف، فليس بإجماعٍ، وإن كان، فعن أحمد ما يدل على أنه إجماع، وبه قال أكثر الشافعية. وقال بعضهم: يكون حجة، ولا يكون إجماعًا. وقال جماعة آخرون: لا يَكُونُ حجةً ولا إجماعًا". وانظر: "الإحكام" للآمدي (١/ ٢٥٢)، وما بعدها.
(٢) ما ذكره الشارح رَحِمَهُ اللَّهُ فيه نظرٌ؛ فمقصود ابن رشد أن المنقول عنهم ستة، فلا يصح دعوى الإجماع؛ لأن مَنْ لم يُنْقل عنه من الصحابة (غير الستة) لا يصح أن يُنْسَب له قول؛ لأنه لا يُنْسب لساكتٍ قولٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>