للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خلافٌ (١)؛ لأنَّ ما بَعْد العصر وقت نَهْي الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- عن الصلاة فيه، فقال: "لا صَلاةَ بعد صلاة العصر حتى تغرب الشمس، ولا صلاة بعد صلاة الصُّبح حتى تَطْلع الشمس" (٢).


= عليها السلام منا جميعًا، وسَلْها عن الركعتين بعد العصر، وإنا أخبرنا أنك تصليها، وقَدْ بلغنا أن النَّبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- نهى عنها. . . فقالت: سَلْ أم سلمة، فأخبرتهم فَردُّؤنِي إلى أم سلمة بمثل ما أرسلوني إلى عائشة. . . وفيه أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "يا بنت أبي أمية، سألت عن الركعتين بعد العصر، إنه أتاني أناسٌ من عبد القيس بالإسلام من قومهم، فشغلوني عن الركعتين اللتين بعد الظهر، فهما هاتان".
(١) اختلف أهل العلم في هذه المسألة على أقوالٍ، منهم مَنْ منعها على الإطلاق، ومنهم مَنْ قيدها بالفائت.
فمذهب الحنفية، يُنظر: "بدائع الصنائع" للكاساني (١/ ٢٦٩، ٢٧٠) حيث قال: "أما حديث عائشة، فقد كان النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- مخصوصًا بذلك، دل عليه ما رُوِيَ أنه قيل لأبي سعيدٍ الخدري: إن عائشة تروي أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- صلى بعد العصر، فقال: إنه فعل ما أمر، ونحن نفعل ما أمرنا، أشار إلى أنه مخصوصٌ بذلك، ولا شركة في موضع الخصوص، ألا ترى إلى ما رُوِيَ عن أم سلمة أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- صلى ركعتين بعد العصر، فسألته عن ذلك، فقال: "شغلني وَفدٌ عن ركعتي الظهر فقضيتهما"، فقالت: ونحن نَفْعل كذلك، فقال: "لا"، أشار إلى الخصوصية؛ لأنه كتبت عليه السنن الراتبة".
ومذهب المالكية، يُنظر: "النوادر والزيادات" لابن أبي زيد القيرواني (١/ ٥٢٨) حيث قال: "وللرجل أن يصلي النوافل في أي ساعة شاء من ليل أو نهار، إلَّا ساعتين؛ إذا صلى الصبح إلى أن ترتفع الشمس، وبعد العصر إلى المغرب".
وَمَذْهب الشَّافعية، يُنظر: "مغني المحتاج" للشربيني (١/ ٣١٠، ٣١١) حَيْثُ قال: "وتُكْره أيضًا. . . وبعد صلاة العصر. . . حتى تغرب. . . إلا لسببٍ غير متأخر، فإنها تصح كَفَائِتَةٍ؛ لأن سببها متقدم؛ سواء أكانت فرضًا أم نفلًا حتى النوافل التي اتخذها وردًا. . . وخبر "الصحيحين" "أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- صلى بعد العصر ركعتين، وقال: "هما اللتان بعد الظهر"،. . . وَهَذا من خُصُوصيَّاته -صلى اللَّه عليه وسلم-، فلَيْسَ لمَنْ قَضَى في وقت الكراهة صلاة أن يداوم عليها، ويَجْعلها وردًا".
ومذهب الحنابلة، يُنظر: "الكافي" لابن قُدَامة (١/ ٢٤٠) حيث قال: "فأما سائر الصَّلوات ذوات الأسباب، كتحيَّة المسجد، وصلاة الكسوف، وسجود التلاوة، وقَضَاء السنن، ففيها روايتان، إحداهما: المنع لعموم النهي، ولأنها نافلة، فأشبهت ما لا سبب له. والثانية: يجوز فعلها. . . ".
(٢) أَخْرَجه البخاري (٥٨٨) ومسلم (٨٢٥/ ٢٨٥) عن أبي هريرة، قال: "نَهَى =

<<  <  ج: ص:  >  >>