للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومع ذلك صلى، وقصة عبد اللَّه بن عباس وكذلك عبد الرحمن بن أزهر، والمسور بن مخرمة، عندما أرسلوا كريبًا إلى عائشة وسألها عن قولها أن الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- ما ترك الركعتين قبل الفجر في بيتها قط (١)، أنه ما ترك ذلك سفرًا ولا حضرًا، سألوها عن ذلك فأحالتهم إلى أم سلمة، وأم سلمة كانت قد سألت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فأجابها بما ذكرت لكم بأنها كانت قضاءً وليس أداءً.

* قوله: (وَإِنَّمَا يَكُونُ قَوْلُهُمْ خِلَافَ؟ الآثَارِ لَوْ جَعَلُوا صَلَاتَهُ بَعْدَ الفَجْرِ مِنْ بَابِ الأَدَاءِ، فَتَأَمَّلْ هَذَا، وَإِنَّمَا يَتَطَرَّقُ الخِلَافُ لِهَذِهِ المَسْأَلَةِ مِنْ بَابِ اخْتِلَافِهِمْ فِي هَلِ القَضَاءُ فِي العِبَادَةِ المُؤَقَّتَةِ يَحْتَاجُ إِلَى أَمْرٍ جَدِيدٍ أَمْ لَا؟ -أَعْنِي: غَيْرَ أَمْرِ الأَدَاءِ- وَهَذَا التَّأْوِيلُ بِهِمْ أَلْيَقُ، فَإِنَّ أَكْثَرَ مَا نُقِلَ عَنْهُمْ هَذَا المَذْهَبُ مِنْ أَنَّهُمْ أُبْصِرُوا يَقْضُونَ الوِتْرَ قَبْلَ الصَّلَاةِ وَبَعْدَ الفَجْرِ، وَإِنْ كَانَ الَّذِي نُقِلَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ فِي ذَلِكَ قَوْلًا -أَعْنِي: أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: إِنَّ وَقْتَ الوِتْرِ مِنْ بَعْدِ العِشَاءِ الآخِرَةِ إِلَى صَلَاةِ الصُّبْحِ- (٢)، فَلَيْسَ يجِبُ لِمَكَانِ هَذَا أَنْ يُظَنَّ بِجَمِيعِ مَنْ ذَكَرْنَاهُ مِنَ الصَّحَابَةِ أَنَّهُ يَذْهَبُ هَذَا المَذْهَبَ مِنْ قِبَلِ أَنَّهُ أُبْصِرَ يُصَلِّي الوِتْرَ بَعْدَ الفَجْرِ، فَيَنْبَغِي أَنْ تَتَأَمَّلَ صِفَةَ النَّقْلِ فِي ذَلِكَ عَنْهُمْ. وَقَدْ حَكَى ابْنُ المُنْذِرِ فِي وَقْتِ الوِتْرِ عَنِ النَّاسِ خَمْسَةَ أَقْوَالٍ) (٣).


= رَسُولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عن صَلَاتين: بعد الفجر حتى تطلع الشمس، وبعد العصر حتى تغرب الشمس".
(١) الشارح رَحِمَهُ اللَّه أدخل روايتين في بعضٍ، فتَقدَّمت رواية، والثانية ليس فيها سفرًا ولا حضرًا، بل كما أخرجها البخاري (٥٩٢) وغيره عن عائشة، قالت: "ركعتان لم يكن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يدعهما سرًّا ولا علانيةً: ركعتان قبل صلاة الصبح، وركعتان بعد العصر".
(٢) أخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (٣/ ١١) وغيره عن أبي إسحاق، أن ابن مسعود قال: "الوتر ما بين الصلاتين".
(٣) انظر: "الإشراف" لابن المنذر (٢/ ٢٦٦، ٢٦٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>