للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقَدْ قدمنا أن الشافعية انفردوا من بين الأئمة بالقول بالقنوت في صلاة الصبح، وأن الرسولَ -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يقنت، ثم نَهَى عن ذلك (١)، لكنه لم يزل يقنت في صلاة الصبح حتى فارق الدنيا كما مَرَّ في حديث أَنَسٍ -رضي اللَّه عنه- (٢).

وَقَدْ كَانَ رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقنت، فيدعو لقَوْمِ، ويدعو على آخرين؛ جَاءَ في "الصحيحين" وغيرهما عن أبي هُرَيرة -رضي اللَّه عنه-: أنَّ رَسُولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- كان إذا أراد أن يدعو على أحدٍ أو يدعو لأحدٍ، قَنتَ بعد الركوع، فربما قال بعد قوله: سمع اللَّه لمن حمده: "اللهم ربنا لك الحمد، اللهم أنج الوليد بن الوليد، وسلمة بن هشام، وعياش بن أبي ربيعة، اللهم اشدد وَطْأَتك على مُضَر، واجعلها سنين كسني يوسف"، يَجْهر بذلك، وَكَانَ يقول في بعض صلاتِهِ في صلاة الفجر: "اللَّهمَّ الْعَن فلانًا وفلانًا"، لأحياء من العرب حتى أنزل اللَّه: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ} الآية (٣).

وفي "الصحيحين" أيضًا عن أنس بن مالك: قنت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- شهرًا بعد الركوع في صلاة الصبح يدعو على رعل وذكوان، ويقول: "عصية عصت اللَّه ورسوله" (٤) (٥).

ثم بعد ذلك تَرَك رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- القنوتَ إلا في صلاة الصبح؛ فعن


= الوتر، ولا في الصبح، رُوِيَ ذلك عن ابن عمر، خلاف الرِّواية الأولى، ورُوِيَ عن طاوس أنه قال: القُنُوتُ في الوتر بدعةٌ".
(١) سيأتي تخريجه.
(٢) أخرجه أحمد (١٢٦٥٧) وغيره عن أنس بن مالك قال: "ما زال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقنت في الفجر حتى فارق الدنيا".
(٣) أخرجه البخاري (٤٥٦٠) ومسلم (٦٧٥/ ٢٩٤).
(٤) أخرجه البخاري (٢٨١٤) ومسلم (٦٧٥/ ٢٩٤) عن أنس بن مالكٍ -رضي اللَّه عنه-، قال: "دَعَا رَسُولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- على الذين قتلوا أصحاب بئر معونة ثلاثين غداةً، على رعل، وذكوان، وعصية عصت اللَّه ورسوله"، قال أنس: "أنزل في الذين قتلوا ببئر معونة قرآن قرأناه، ثم نسخ بعد بلغوا قومنا أَنْ قد لقينا ربنا، فرضي عنا ورضينا عنه".
(٥) كان الشيخ أدخل حديثين في حديث، ففصلتهما.

<<  <  ج: ص:  >  >>