للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سَفَره، وقَدْ جاء عنه في حديثٍ متفقٍ عليه أنه -عليه الصلاة والسلام- كان يوتر على راحلتِهِ، فعن ابن عمر قال: "كان النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يصلي في السفر على راحلته حيث توجهت به، يومئ إيماءً صلاة الليل إلا الفرائض، ويوتر على راحلته" (١).

فقد ثبت عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه صلى الوتر على الراحلة، ولم يثبت عنه أنه صلى فريضةً من الفرائض على الراحلة، فيكون هذا وغيره من الأدلة دليلًا على صحة الوتر على الراحلة، وخالف في ذلك الحنفية، تفريعًا على قولهم بوجوب الوتر، إذ لو قالوا بجواز الوتر على الراحلة، لَكَان ذلك حجةً عليهم في أن الوتر ليس بواجبٍ؛ لأن الفرائضَ لا تُصلَّى على الراحلة (٢).

* قوله: (حَيْثُ تَوَجَّهَتْ بِهِ، فَإِنَّ الجُمْهُورَ عَلَى جَوَازِ ذَلِكَ (٣)).

أَيْ: جمهور الأئمة عدا أبا حنيفة (٤).

* قوله: (لِثُبُوتِ ذَلِكَ مِنْ فِعْلِهِ -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ- أَعْنِي: "أَنَّهُ كَانَ يُوتِرُ عَلَى الرَّاحِلَةِ" (٥)).


(١) أخرجه البخاري (١٠٠٠) ومسلم (٧٠٠/ ٣٨).
(٢) تقدَّم أن أبا حنيفة له ثلاث روايات: أنه فرض، واجب، سُنَّة، وبالأخير أخذ صاحباه: أبو يوسف ومحمد. انظر: "بدائع الصنائع" للكاساني (١٠/ ٢٧٠).
(٣) مَذْهَبُ المالكية، يُنظر: "المدونة" للإمام مالك (١/ ١٧٤) حيث قال: "يُصلِّي المسافر ركعتي الفجر على الراحلة، ويوتر أيضًا عليها في السفر".
ومَذْهب الشافعية، يُنظر: "نهاية المطلب" للجويني (٢/ ٧١) حيث قال: "وأما النوافل على الرَّواحل، فنستقصي القولَ فيها هاهنا، وحاصل القول فيها تحويه فصول: أحدها - في طويل السفر وقصيره. والنافلة تُقَام على الراحلة، وماشيًا في السفر الطويل".
وَمَذْهبُ الحَنَابلة، يُنظر: "مطالب أولي النهى" للرحيباني (١/ ٥٤٦) حيث قال: "يجوز فعله على الراحلة من غير ضَرُورَةٍ أشبه السنن".
(٤) يُنظر: "الدر المختار" للحصكفي، وحاشية ابن عابدين (٢/ ٥) حيث قال: "ولا يصحُّ قاعدًا، ولا راكبًا اتفاقًا".
(٥) تقدَّم تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>