للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَهُوَ الحديثُ المُتَّفق عليه الذي أَشَرنا إليه في أول المسألة.

وَفِي هذا أن الإنسانَ لا يقطع وتره في سفره، ومثله: ركعتا الفجر (١)، وثمَّ خلافٌ بين العلماء في حكم صلَاة ما عدا ذَلكَ من السنن.

* قوله: (وَهُوَ مَا يَعْتَمِدُونَهُ فِي الحُجَّةِ عَلَى أَنَّهَا لَيْسَتْ بِفَرْضِ إِذْ كَانَ قَدْ صَحَّ عَنْهُ -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ- أَنَّهُ كَانَ يَتَنَفَّلُ عَلَى الرَّاحِلَةِ (٢)، وَلَمْ يَصِحَّ عَنْهُ أَنَّهُ صَلَّى قَطُّ مَفْرُوضَةً عَلَى الرَّاحِلَةِ، وَأَمَّا الحَنَفِيَّةُ، فَلمَّا كَانَ اتِّفَاقُهُمْ مَعَهُمْ عَلَى هَذِهِ المُقَدِّمَةِ، وَهُوَ أَنَّ كُلَّ صَلَاةٍ مَفْرُوضَةٍ لَا تُصَلَّى عَلَى الرَّاحِلَةِ، وَاعْتِقَادُهُمْ أَنَّ الوِتْرَ فَرْضٌ، وَجَبَ عِنْدَهُمْ مِنْ ذَلِكَ ألَّا تُصَلَّى عَلَى الرَّاحِلَةِ، وَرَدُّوا الخَبَرَ بِالقِيَاسِ، وَذَلِكَ ضَعِيفٌ (٣)).

وَجْهُ القيَاس عندهم: أن الوترَ صلاة مفروضة، فلا تُصلَّى على


(١) ذَهَبَ الجمهور من المالكية والشافعية والحنابلة -في المَذْهب- إلى جَوَاز النافلة على الراحلة، وَذَهَب الحنفية وقول عن أحمد لعَدَم جوازها:.
فَمَذهب الحنفية، يُنظر: "بدائع الصنائع" للكاساني (١/ ٢٩٠) حيث قال: "وَرَوى الحسن عن أبي حنيفة أن مَنْ صلى ركعتي الفجر قاعدًا من غير عذرٍ لا يجوز، وكذا لو صلاها على الدابة من غير عذرٍ وهو يقدر على النزول لاختصاص هذه السُّنة بزيادة توكيد وترغيب بتحصيلها، وترهيب وتحذير على تَرْكها، فالتحقت بالواجبات كالوتر".
مَذْهب المالكية، يُنظر: "المدوَّنة" للإمام مالك (١/ ١٧٤) حيث قال: "يصلي المسافر ركعتي الفجر على الراحلة".
ومَذْهب الشافعية، يُنظر: "نهاية المطلب" للجويني (٢/ ٧١) حيث قال: "وأمَّا النوافل على الرواحل، فنَسْتقصي القول فيها هاهنا، وحاصل القول فيها تحويه فصول، أحدها في طويل السفر وقصيره، والنافلة تُقَام على الراحلة، وماشيًا في السفر الطويل".
ومَذهب الحنابلة، يُنظر: "الإنصاف" للمرداوي (٢/ ٣) حيث قال: "والنافلة على الراحلة في السفر الطويل والقصير، هذا المذهب مطلقًا نصَّ عليه، وعليه الأصحاب، وعنه لا يُصلِّي سُنَّة الفجر عليها".
(٢) تقدَّم تخريجه.
(٣) تقدَّم ذكر مذهبهم في هذه المسألة.

<<  <  ج: ص:  >  >>