للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المرء؛ لأنه - كما جَاءَ عن أنس بن مالكٍ قال: مر بجنازة، فأثني عليها خيرًا، فقال نبي اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "وَجَبتْ، وَجَبتْ، وَجَبتْ"، ومرَّ بجنازة، فأُثْني علَيها شرًّا، فقال نبي اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "وَجَبتْ، وَجَبتْ، وَجَبتْ"، قال عمر: فدًى لك أبي وأمي، مرَّ بجنازة، فأثني عليها خيرًا، فقلتَ: "وَجَبتْ، وَجَبتْ، وَجَبتْ"، ومرَّ بجنازة، فأثني عليها شرًّا، فقلتَ: "وَجَبتْ، وَجَبتْ، وَجَبتْ"؟ فقال رَسُولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مَنْ أثنيتم عليه خيرًا، وَجَبتْ له الجنة، ومَنْ أثنيتم عليه شرًّا، وجبت له النار، أنتم شهداء اللَّه في الأرض، أنتم شهداء اللَّه في الأرض، أنتم شهداء اللَّه في الأرض" (١).

وعَنْ أبي بكر بن أبي زهير الثقفي، عن أبيه، قال: خَطَبنا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بالنباوة (٢)، أو البناوة، قال: والنباوة من الطائف، قال: "يُوشك أَنْ تَعْرفوا أهل الجنَّة من أهل النار"، قالوا: بم ذاك يا رسول اللَّه؟ قال: "بالثَّناء الحَسَن، والثَّناء السَّيِّئ، أنتم شُهَداء اللَّه بعضكم على بعضٍ" (٣).

وَهَذِهِ قاعدةٌ عظيمةٌ، وهي من جوامع كلمِهِ عليه الصلاة والسلام، فَإنَّ الرَّسول -صلى اللَّه عليه وسلم- لم يزد على أن أعطى الرجل درسًا في جملتين: "ازهد في الدنيا يحبك اللَّه، وازهد فيما عند الناس يحبك الناس".

"ازهد في الدنيا يحبك اللَّه"؛ لأن الإنسان إذا زهد في الدنيا، فإنه سيتعلق بالآخرة، وإذا تعلق بالآخرة، فإنه سيسعى للعمل الصالح الذي يوصله إلى مرضاة اللَّه سبحانه وتعالى {وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا (١٩)} [الإسراء: ١٩].

وقال: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا


(١) أخرجه مسلم (٩٤٩/ ٦٠).
(٢) "النباوة": ما ارتفع من الأرض. انظر: "مختار الصحاح" للرازي (ص ٣٠٤).
(٣) أخرجه ابن ماجه (٤٢٢١) وغيره، وصححه الأرناؤوط في تعليقه على "المسند" (٢٤/ ١٧٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>