للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلَاهَا مَذْمُومًا مَدْحُورًا (١٨) وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا (١٩)} [الإسراء: ١٨، ١٩].

فإذا زهدتَ في الدنيا، ستنصرف عن حطامها (١)، وستُقبل على اللَّه سبحانه وتعالى، فلا تَشْغَلك زخارف (٢) الحياة الدنيا، واللَّه سبحانه وتعالى قد بيَّن مكانة هذه الحياة، فقال: {وَلَوْلَا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَجَعَلْنَا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفًا مِنْ فِضَّةٍ وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ (٣٣) وَلِبُيُوتِهِمْ أَبْوَابًا وَسُرُرًا عَلَيْهَا يَتَّكِئُونَ (٣٤) وَزُخْرُفًا وَإِنْ كُلُّ ذَلِكَ لَمَّا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةُ عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ (٣٥)} [الزخرف: ٣٣ - ٣٥].

ولَيْس معنى ذلك أن الإنسانَ يدع الدنيا، فكَمْ من أناسٍ من العلماء والصالحين وَفَّقَهم اللَّه سبحانه وتعالى، وأعطاهم أموالًا طائلةً، فأنفقوها في أوجه البر والخير، فأنبتت لهم نباتًا حسنًا.

قال تعالى: {مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (٢٦١)} [البقرة: ٢٦١].

وقال: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خُلَّةٌ وَلَا شَفَاعَةٌ وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ (٢٥٤)} [البقرة: ٢٥٤].

فَالزُّهد في الدُّنيا طمعٌ في الآخرة، وإذا زهد المرء في الدنيا، أعدَّ العدة للآخرة، وانشغل بها.

ثم قال له عليه الصلاة والسلام: "وازهد فيما عندَ الناس، يحبُّك الناس"؛ لأنَّ الإنسانَ إذا تطلَّع إلى ما في أيدي الناس؛ قَلَّتْ قيمتُهُ، وَذَهبت كرامته.

ولذلك، مَنْ يشتغل بالسؤال، يأتي يَوْم القيامة وليس في وجهه


(١) "الحطام": المتكسر المتفتت. انظر: "لسان العرب" لابن منظور (١٢/ ٨١).
(٢) "الزخرف": الزينة. انظر: "لسان العرب" لابن منظور (٩/ ١٣٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>