للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مَنْ أحبَّ للَّه، وأبغضَ للَّه، وأعطى للَّه، ومنع للَّه، فَقَد استكمل الإيمان" (١).

"مَنْ أحبَّ للَّه"؛ أي: مَنْ أحب إنسانًا لا يحبه إلا للَّه، وَفِي طَاعَة اللَّه سبحانه وتعالى.

"وأبغض للَّه"؛ أي: لا لأنه خالفه في أمرٍ من الأمور، أو لم يحقق له مأربًا (٢) أو مطلبًا من مطالب الدنيا، أو لم يسايره (٣) في رغبته، أو يريد أن يخرج عن الطريق السوي، ويشفع له في أمرٍ غير صالحٍ فلا يفعل، إنما ينبغي أن يكون بُغْضُك في اللَّه سبحانه وتعالى، إذا أبغضتَ أحدًا أن تبغضه للَّه سبحانه وتعالى؛ لأنه يعصي اللَّه سبحانه وتعالى؛ لأنه خرج على حدود اللَّه، خرج على أوامره وخالف طاعة اللَّه، وحينئذٍ، فقد كرهته للَّه، وكذلك إذا أعطيت أحدًا فلا تعطه طلبًا في مغانم الدنيا، ولا بقصد الرشوة أو التزلُّف (٤) إليه، أو تحصيل مصلحة، فقط أعط للَّه، وكذلك المنع للَّه؛ فإذا منعتَ أحدًا، فينبغي أن تمنعه للَّه؛ لأنك ترى أنَّ هذا لا يستحقُّ ذلك الأمر، وأن إلَّذي يستحقُّ ذلك هو غيره، فإذا كنتَ كَذَلك، استكملتَ الإيمان كَمَا قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-.

وأحاديث رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- كثيرةٌ في الحب في اللَّه، وفيما يتعلَّق بالدنيا، لكننا أشرنا إشارة بسيطة لنتبين منها معنى حديث رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "رَكْعَتَا الفَجْر خَيرٌ من الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا"، رَوَاه مسلمٌ (٥)، وفي لفظ: "رَكْعَتَا الفَجْرِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا"، رواه مسلمٌ (٦).


(١) أخرجه أبو داود (٤٦٨١) عن أبي أمامة، وصححه الأَلْبَانيُّ في "الصحيحة" (٣٨٠).
(٢) "المأرب": الحاجة. انظر: "لسان العرب" لابن منظور (١/ ٢٠٨).
(٣) "سَايَره"؛ أي: جَارَاه فتسايرا. انظر: "مختار الصحاح" للرازي (ص ١٥٩).
(٤) "تزلف": دنا منه. انظر: "لسان العرب" لابن منظور (٩/ ١٣٨).
(٥) تقدَّم تخريجه.
(٦) تقدَّم تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>