للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وركعتين بعد المغرب في بيته، وركعتين بعد العشاء في بيته، وركعتين قبل صلاة الصبح" (١).

ولما أشاع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بين أصحابه فتح خيبر، اشرأبت (٢) أعناقهم إليه لعله أن يظفر بأن يكون هو القائد فى ذلك المكان، فالتفت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فلَمْ يجد عليًّا -رضي اللَّه عنه-، فسأل عنه، فقيل له: إنه أرمد (أَيْ: أصَابه الرَّمد في عينيه)، فأُتِيَ به، فبصق في عينيه فشفي، فكان من وصيته -صلى اللَّه عليه وسلم- لعليٍّ -رضي اللَّه عنه-: "واللَّه، لأَنْ يَهْدي اللَّه بك رجلًا واحدًا، خيرٌ لك من حُمْر النَّعم" (٣).

فلو أن العبدَ وفَّقه اللَّه تعالى، فرأى ضالًّا أو منحرفًا، فأخذ بيده ونَصَحه وَوَعظه برفقٍ دون شدةٍ أو عنفٍ، فَهَدَاه اللَّه سبحانه وتعالى على يَدَيه، كان له أجرٌ عظيمٌ؛ فمَنْ دلَّ على هدًى، فله مثل أجر فاعلِهِ من غير أن ينقصَ من أجورهم شيئًا (٤)، ويكون له خيرًا من حُمْرِ النعم أيضًا.

وَيَنْبغي للمُؤْمن إذا دَعا إلى اللَّه أن يكونَ حليمًا، عالمًا بما يدعو


(١) تقدَّم تخريجه.
(٢) "اشرأب الرجل للشيء وإلى الشيء": مدَّ عنقه إليه. وَقيلَ: هو إذا ارتفع وَعَلا. يُنظر: "لسان العرب" (١/ ٤٩٣).
(٣) أخرجه البخاري (٣٠٠٩)، ومسلم (٢٤٠٦/ ٣٤)، عَنْ سهل بن سعدٍ، قال: قال النَّبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- يوم خَيْبر: "لأُعْطينَّ الراية غدًا رجلًا يفتح على يَدَيه، يحبُّ اللَّه ورَسُوله، وبحبه اللَّه ورسوله"، فبات الناس لَيْلتَهم أيهم يُعْطى، فغدوا كلهم يرجوه، فقال: "أين عليٌّ؟ "، فقيل: يشتكي عينيه، فبصق في عينيه ودعا له، فبرأ كأن لم يكن به وجعٌ، فأعطاه فقال: أقاتلهم حتى يكونوا مثلنا؟ فقال: "انفذ على رسلك حتى تنزل بساحتهم، ثم ادعهم إلى الإسلام، وأخبرهم بما يجب عليهم، فواللَّه لأن يهدي اللَّه بك رجلًا خير لك من أن يكون لك حُمْر النعم".
(٤) وهذا معنى حديث أخرجه مسلم (٢٦٧٤/ ١٦)، عَنْ أبي هريرة، أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "مَنْ دعا إلى هدً ى، كان له من الأجر مثل أجور مَنْ تبعه، لا ينقص ذلك من أجورهم شيئًا، ومَنْ دعا إلى ضلالة، كان عليه من الإثم مثل آثام مَنْ تبعه، لا ينقص ذلك من آثامهم شيئًا".

<<  <  ج: ص:  >  >>