للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* قوله: (وَخَيَّرَ قَوْمٌ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الإِسْرَارِ وَالجَهْرِ (١)، وَالسَّبَبُ فِي ذَلِكَ: تَعَارُضُ مَفْهُومِ الآثَارِ).

وفيما ذَكَره رَحِمَهُ اللَّهُ نظرٌ، فليس هناك تعارضٌ في الأحاديث الَّتي سيَذْكرها، وإنَّما هو حَديثٌ مُجْمَلٌ جَاءت أحاديثُ مفصلة فبَيَّنته؛ يعني أن الرسول كان يوجز، ويُخفِّف في ركعتي الفجر، ويقرأ بـ {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ (١)} في الركعة الأولى {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (١)} في الركعة الثانية.

قَوْله: (وَذَلِكَ أَنَّ حَدِيثَ عَائِشَةَ المُتَقَدِّمَ (٢) المَفْهُومُ مِنْ ظَاهِرِهِ: أَنَّهُ -عَلَيْهِ الصلَاةُ وَالسَّلَامُ- كَانَ يَقْرَأُ فِيهِمَا سِرًّا، وَلَوْلَا ذلِكَ لَمْ تَشُكَّ عَائِشَةُ هَلْ قَرَأَ فِيهِمَا بِأُمِّ القُرْآن أَمْ لَا؟ وَظَاهِرُ مَا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ فِيهِمَا بِـ {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ (١)}، و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (١)} (٣) أَنَّ قِرَاءَتَهُ -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ- فِيهِمَا كَانَتْ جَهْرًا، وَلَوْلَا ذَلِكَ مَا عَلِمَ أَبُو هُرَيْرَةَ مَا كَانَ يَقْرَأُ فِيهِمَا، فَمَنْ ذَهَبَ مَذْهَبَ التَّرْجِيحِ بَيْنَ هَذَيْنِ الأَثَرَيْنِ قَالَ: إِمَّا بِاخْتِيَارِ الجَهْرِ إِنْ رَجَّحَ حَدِيثَ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَإِمَّا بِاخْتِيَارِ الإِسْرَارِ إِنْ رَجَّحَ حَدِيثَ عَائِشَةَ، وَمَنْ ذَهَبَ مَذْهَبَ الجَمْعِ قَالَ بِالتَّخْيِيرِ) (٤).


(١) وهو مَذْهب الحنفية، يُنظر: "البناية شرح الهداية" للعيني (٢/ ٢٩٥) حيث قال: "م: (وفي الليل يتخيَّر اعتبارًا بالفرد في حق المنفرد) ش: أي وفي التطوُّع بالليل يخير المتطوع بين الجهر والإخفاء، ولكن الجهر أفضل، كذا في "المبسوط". قلت: المنفرد كذلك أعني التخيير مع أفضلية الجهر، فَكَذا هاهنا. م: (وهذا)، ش: أي: اعتبار المتطوع بالليل بفرض المنفرد".
(٢) تقدَّم تخريجه.
(٣) تقدَّم تخريجه.
(٤) وهذه طريقة كل مَنْ ذهب لقولٍ من هذه الأقوال، وقد تقدَّم ذكر مذاهب أهل العلم فيها.

<<  <  ج: ص:  >  >>