للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلا صلاة إلا المكتوبة" (١)، وقَدْ قَالَ تَعالَى: {إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (٥١)} [النور: ٥١].

وقَدْ قال رسول -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ، فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ، وَإِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَيْءٍ فَاجْتَنِبُوهُ" (٢)، فنَحْن مأمورون بطاعة رَسُول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في قوله: "إذا أُقِيمَتِ الصلاة، فلا صلاة إلا المكتوبة"، رواه مسلم (٣)، وهذا مما نستطيعه.

ولم يُعْرف عن الصحابة -رضي اللَّه عنهم- أنهم كانوا ينشغلون بذلك، فكيف يشغل الواحد نفسه بسُنَّة، ويترك فريضةً، وللأسف هذه مسألةٌ كَثُرَ فِعْلُها عند كَثِيرٍ من المسلمين، وبخاصة الذين يأخذون بمذهب أبي حنيفة.

وَخُلَاصة مذهب الإمام مَالِكٍ أن الإنسان إنْ دخل المسجد، فليس له أن يشتغل بغير الفريضة التي أُقيمَت الصلاة من أجلها؛ للحَدِيثِ الذي ذَكَرناه، لكن إن كان خارج المسجد، فله ذلك عند مَالِكٍ شريطة ألا تفوتَه ركعة.

* قوله: (وَخَالَفَهُ فِي الحَدِّ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ: يَرْكَعُهُمَا خَارِجَ المَسْجِدِ مَا ظَنَّ أَنَّهُ يُدْرِكُ رَكْعَةً مِنَ الصُّبْحِ مَعَ الإِمَامِ).

وهو مَذْهب الحَنابلَة أيضًا (٤).


(١) تقدَّم تخريجه.
(٢) أخرجه البخاري (٧٢٨٨) وغيره عن أبي هريرة، عن النَّبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، قال: "دَعُوْنِي ما تَركتُكُمْ، إنما هلك مَنْ كان قبلكم بسؤالهم واختلافهم على أنبيائهم، فإذا نهيتكم عن شَيْءٍ فَاجْتَنبوه، وإذا أمرتكم بأَمْرٍ فأتوا منه ما اسْتَطعتم".
(٣) تقدَّم تخريجه.
(٤) يُنظر: "كشاف القناع" للبهوتي (١/ ٤٥٩) حيث قال: "وإذا أُقيمَت أي: شرع المؤذن في إقامة الصلاة. . . فلا صَلَاة إلا المكتوبة، فلا يُشْرع في نفلٍ مطلقٍ، ولا راتبة من سنة فجر أو غيرها في المسجد أو غيره ولو ببيته. . . وإن أُقيمَت وهو فيها أي: النافلة ولو كان خارج المسجد، أتمها خفيفة، ولو فاتته ركعة؛ لقوله تعالى: {وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ}، قاله ابن تميم وغيره، ولا يَزيد على رَكْعَتين".

<<  <  ج: ص:  >  >>