للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* قوله: (وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ المَكْتُوبَةُ فَلَا يَرْكَعُهُمَا أَصْلًا، لَا دَاخِلَ المَسْجِدِ، وَلَا خَارِجَهُ (١)، وَحَكَى ابْنُ المُنْذِرِ أَنَّ قَوْمًا جَوَّزُوا رُكُوعَهُمَا فِي المَسْجِدِ وَالإِمَامُ يُصَلِّي (٢)، وَهُوَ شَاذٌّ).

وَهَذا الَّذي وَسَمه بالشذوذ يفعله بعض المسلمين اليوم، فالصَّلاةُ قد أُقيمَت، وَتَراه يُصلِّي في مَكَانٍ في المسجد، وَيَرى أن صلاتَه إنْ لم تسبقها ركعتا الفجر، فَهي ناقصةٌ، وهذا خطأٌ؛ لأن الرسولَ -صلى اللَّه عليه وسلم- فاتته ركعتا الفجر، وَقَضَاهما عليه الصلاة والسلام (٣)، ولم يَذْهبا بذَهاب وَقْتهما، ولذلك إذَا دَخَل الإنسان -وقَدْ أُقيمَت الصلاة- فليس له أن يشتغلَ بغير الفريضة، لَا تَشْغل نفسك بغير الصلاة التي أَوْجَبها اللَّه سبحانه وتعالى وَإِنْ كانت هذه الصلاة التي شغلتَ نفسك بها هي الصلاة التي قال الرَّسولُ -صلى اللَّه عليه وسلم- عنها بأنها "خيرٌ من الدنيا وما فيها" (٤)؛ لأن الذي قال ذلك هو الذي قال لك: "إذا"، و"إذا" ظرفٌ لما يُسْتقبل من الزمان، تضمن معنى الشرط (٥)، ولذلك جاء الجواب مقترنًا بالفعل: "إذا أقيمَت الصلاة، فلا صَلَاة إلا المكتوبة".

وقوله: "فَلَا"، "لَا" نافية للجنس (٦)، و"صلاة" نكرة، والنكرة


(١) يُنظر: "الحاوي الكبير" للماوردي (٢/ ٢٨٨) حيث قال: "لو دخل المسجد وقد أُقيمَت صلاة الصبح، ولم يكن قد صلى ركعتي الفجر، قال الشافعي: دخل مع الإمام في صلاة الصبح، ولم يشتغل بركعتي الفجر، فإذا أكمل فرضه ركعهما".
(٢) يُنظر: "الإشراف" لابن المنذر (٢/ ٢٧٨) حيث قال: "وفِيهِ قولٌ ثانٍ: وهو أن يصليهما والإمام يصلي، رُوِيَ عن ابن مسعودٍ أنه فعل ذلك. وقد رُوِيَ عن ابن عمر أنه دَخَل المسجد والناس في الصلاة، فَدَخل بيت حفصة، فَصلَّى رَكْعَتين ثمَّ خرج إلى المسجد فصلى، وهذا مذهب مسروق، ومكحول، والحسن البصري، ومجاهد، وحماد بن أبي سُلَيمان".
(٣) تقدَّم تخريجه.
(٤) تقدَّم تخريجه.
(٥) هذا هو المشهور في "إذا" غير الفجائية، لكن استدرك ابن هشام على القائل بهذا أمورًا. . انظر: "مغني اللبيب" (ص ٨٥٤، ٨٥٥).
(٦) "لا" النافية لها ثلاثة أقسام: =

<<  <  ج: ص:  >  >>