للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والعلة عند الفريقين: إدراك صلاة الجماعة، وهذا أمرٌ لا شك فيه؛ إذ لا موازنةَ بين صلاةٍ مكتوبةٍ وبين صلاةٍ غير مكتوبةٍ.

* قوله: (فَمَنْ رَأَى أَنَّة بِفَوَاتِ رَكْعَةٍ مِنْهَا يَفُوتُة فَضْلُ صَلَاةِ الجَمَاعَةِ قَالَ: يَتَشَاغَلُ بِهَا مَا لَمْ لَفُتْهُ رَكْعَةٌ مِنَ الصَّلَاةِ المَفْرُوضَةِ، وَمَنْ رَأَى أَنَّهُ يُدْرِكُ الفَضْلَ إِذَا أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الصَّلَاةِ، لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: "مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الصَّلَاةِ، فَقَدْ أَدْرَكَ الصَّلَاةَ، أَيْ: قَدْ أَدْرَكَ فَضْلَهَا") (١).

الحَديثُ رَوَاهُ البُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ.

وَفِي هذَا الحديث في إثبات إدراك الجماعة بإدراك ركعةٍ، لكنه لا يدلُّ على أن المُصلِّي إذا جاء -وقَدْ أُقيمَت الصَّلاة- أنه يشتغل بها، وإنما هذا تخفيف من اللَّه، وتيسيرٌ في هذه الشريعة، إذ جعلت إدراك ركعةٍ واحدةٍ إدراك للجماعة، وهذا دليلٌ عامٌ، وحديثنا خاص: "إذا أُقيمَت الصلاة، فلا صَلَاة إلَّا المكتوبة"، رَواه مسلمٌ وغيرُهُ (٢).

فَحديث مسلم نصٌّ في المسألة محل الخلاف، فلا ينبغي أن نَتْرك هذا النص لتعليلٍ من التعليلات، وأمَّا إذا أدرك المصلي أقل من ركعةٍ، فقد اختلفوا في إدراكه بذلك.

* قوله: (وَحُمِلَ ذَلِكَ عَلَى عُمُومِهِ فِي تَارِكِ ذَلِكَ قَصْدًا أَوْ بِغَيْرِ اخْتِيَارٍ، قَالَ: يَتَشَاغَلُ بِهَا مَا ظَنَّ أَنَّهُ يُدْرِكُ رَكْعَةً مِنْهَا، وَمَالِكٌ إِنَّمَا يَحْمِلُ هَذَا الحَدِيثَ -وَاللَّهُ أَعْلَمُ- عَلَى مَنْ فَاتَتْهُ الصَّلَاةُ دُونَ قَصْدٍ لِفَوَاتِهَا (٣)، وَلِذَلِكَ رَأَى أَنَّهُ إِذَا فَاتَتْهُ مِنْهَا رَكْعَةٌ، فَقَدْ فَاتَهُ فَضْلُهَا).


(١) أخرجه البخاري (٥٨٠) ومسلم (٦٠٧/ ١٦١) عن أبي هريرة.
(٢) تقدَّم تخريجه.
(٣) يُنظر: "الشرح الصغير" للدردير وحاشية الصاوي (١/ ٢٤١، ٢٤٢) حيث قال: "وحرم نفل لا فرض. . . وحال إقامة لحاضرةٍ؛ لأنه إذا أُقيمَت الصلاة، فلا صلَاة إلا المكتوبة أي: المقامة؛ أي: يحرم صلاة غيرها؛ لأنه يُؤدِّي للطعن في الإمام".

<<  <  ج: ص:  >  >>