للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لكن الصحابة -رضي اللَّه عنهم- كانوا يُكثرون من الصلاة يوم الجمعة، وإن كان هناك خلافٌ في الصلاة وقت الزوال (١) إلا أنه ورد حديثٌ في تخصيص يوم الجمعة، وجاء في الحديث: "إنَّ جَهنم تُسجر حين تَزول الشمس أو وقت الزوال إلا يَوم الجُمُعة" (٢)، وفي ذلك كلامٌ طويلٌ للعلماء، وتفصيل ذلك على هذا النحو، ذهب جمهور العلماء (٣) إلى أن وقت الجمعة بعد زوال الشمس، واستدلوا على مذهبهم بهذه الأدلة:

عَنْ إِيَاسِ بْنِ سَلَمَة بْنِ الأَكْوَعِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: "كُنَّا نُجَمِّعُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- إِذَا زَالَتِ الشَّمْسُ، ثُمَّ نرْجِعُ نَتَتَبَّعُ الفَيْءَ" (٤).


(١) الزوال: هو انحطاط الشمس عن كَبِد السماء -أي: وسطها- إلى جانب المغرب، فيقال عند انحطاطها: زالت ومالت. انظر: "غريب الحديث" لابن قتيبة (١/ ١٧٧).
(٢) أخرجه أبو داود (١٠٨٣)، وضعفه الألباني في "المشكاة" (١٠٤٧).
(٣) مذهب الحنفية، يُنظر: "بدائع الصنائع"، للكاساني (١/ ٢٦٨، ٢٦٩)، وفيه قال: "وأمَّا الوقت فمن شرائط الجمعة -وهو وقت الظهر- حتى لا يَجوز تقديمها على زوال الشمس؛ لما رُوي عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه لما بَعث مصعب بن عمير إلى المدينة قال له: "إذا مَالَت الشمسُ فَصَلِّ بالنَّاس الجُمُعة"، وروي أنه: كَتَبَ إلى أسعد بن زرارة إذا زالت الشمس من اليوم الذي تَتَجهز فيه اليهود لِسَبْتها فازدلف إلى اللَّه تعالى بركعتين".
ومذهب المالكية، يُنْظَر: "الشرح الكبير"، للشَّيخ الدردير (١/ ٣٧٢)، وفيه قال: " (شرط) صحة صلاة (الجمُعة) بضم الميم، وحُكي إسكانها وفتحها وكسرها: (وقوع كلها) -أي: جميعها (بالخُطبة)؛ أي: مع جنسها الصادق بالخُطبتين- (وقت الظهر)، فلو أوقع شيئًا من ذلك قبل الزَّوَال لم يَصِحَّ".
ومذهب الشافعية، يُنْظَر: "فتح الوهاب"، لزكريا الأنصاري (١/ ٨٧)، وفيه قال: " (ولصحتها)؛ أي: الجمعة" مع شرط غيرها شروط "ستة؛ أحدها": أن تقع وقت ظهر؛ "للاتباع، رواه الشيخان مع خبر: "صَلُّوا كَما رَأَيْتُمُوني أُصَلِّي"، فلو ضاق "الوقت عنها وعن خُطبَتْيَها -كما سيأتي- "أو شَكَّ" في ذلك، وهو من زيادتي - (وَجَبَ ظُهْرٌ) ".
(٤) أخرجه مسلم (١٩٤٧).
الفيءُ: الظِّلُّ، والجميع: الأفياء. انظر: "العين" للخليل (٨/ ٤٠٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>