للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ -رضي اللَّه عنه-: "أَنَّ النَّبِيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- كَانَ يُصَلِّي الجُمُعَةَ حِينَ تَمِيلُ الشَّمْسُ" (١).

وذهب الحنابلة إلى جوازها قبل الزوال (٢)، فعَنْ جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ سَأَلَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ: مَتَى كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- يُصَلِّي الجُمُعَةَ؟ قَالَ: "كَانَ يُصلِّي، ثُمَّ نَذْهَبُ إلى جِمَالِنَا فَنُرِيحُهَا"، زَادَ عَبْدُ اللَّهِ فِي حَدِيثِهِ: "حِينَ تَزُولُ الشَّمْسُ"، يَعْنِي: النَّوَاضِحَ (٣).

وعَنْ سَهْلٍ، قَالَ: "كُنَّا نَفْرَحُ يَوْمَ الجُمُعَةِ". قُلْتُ: وَلِمَ؟ قَالَ: "كَانَتْ لَنَا عَجُوزٌ، تُرْسِلُ إِلَى بُضَاعَةَ -قَالَ ابْنُ مَسْلَمَةَ: نَخْل بِالمَدِينَةِ- فَتَاخُذُ مِنْ أُصُولِ السَّلْقِ، فَتَطْرَحُهُ فِي قِدْرٍ، وَتُكَرْكِرُ حَبَّاتٍ مِنْ شَعِيرٍ، فَإِذَا صَلَّيْنَا الجُمُعَةَ انْصَرَفْنَا، وَنُسَلِّمُ عَلَيْهَا فَتُقَدِّمُهُ إِلَيْنَا، فَنَفْرَحُ مِنْ أَجْلِهِ، وَمَا كُنَّا نَقِيلُ وَلَا نَتَغَدَّى إِلَّا بَعْدَ الجُمُعَةِ" (٤).

ووجه استدلالهم: أنَّ القيلولة (٥) والغداء لا يَكونا إلا قبل الزوال (٦)،


(١) أخرجه البخاري (٩٠٤).
(٢) يُنْظَر: "كشاف القناع" للبهوتي (٢/ ٢٦)، حيث قال: " (وأوله)؛ أي: أول وقت الجمعة (أول وقت صلاة العيد نصًّا)؛ لقول عبد اللَّه بن سيدان السلمي قال: "شهدتُ الجمعة مع أبي بكر، فكانت خطبته وصلاته قبل نصف النهار، ثم شَهِدتها مع عمر، فكانت خطبته وصلاته إلى أن أقول: قد انتصف النهارُ، ثم شَهدتها مع عثمان، فكانت صلاته وخُطبته إلى أن أقول: قد زال النهار، فما رأيت أحدًا عاب ذلك ولا أنكره"، رواه الدارقطني وأحمد واحتج به. (وتفعل فيه)؛ أي: فيما قبل الزوال (جوازًا، أو رخصة، وتَجب بالزوال)، ذكر القاضي وغيره المذهب".
(٣) أخرجه مسلم (١٩٤٥).
الناضح: جمل يُستقى عليه الماء للقِرَى في الحوض، أو سَقْي أرضٍ. وجمعه: النواضح. انظر: "العين" للخليل (٣/ ١٠٦).
(٤) أخرجه البخاري (٦٢٤٨).
(٥) القيلولة: الاستراحة نصف النهار، وإن لم يكن معها نومٌ. انظر: "النهاية في غريب الحديث والأثر"، لابن الأثير (٤/ ١٣٣).
(٦) قال ابن مفلح: "وحقيقة الغَدَاء والقيلولة قبل الزَّوال". انظر: "الفروع وتصحيح الفروع" (١١/ ٣٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>