للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإذا لم يتمكن من تحية المسجد لحدث أو غيره، فإنه يندب له أن يقول: سبحان اللَّه والحمد للَّه ولا إله إلا اللَّه واللَّه أكبر، أربع مرات، باتفاق ثلاثة من الأئمة، وقال الحنابلة: لا يندب له أن يقول ذلك.

هذا؛ وينوب عن تحية المسجد مطلق صلاة يصليها ذات ركوع وسجود عند دخوله، فمن صلى فائتة كانت عليه بدخوله المسجد فإن تحية المسجد تؤدى بها ضمنًا، بشرط أن ينويها، وقال الحنفية والشافعية: يحصل له ثوابها إن لم ينوها، أما إذا نوى عدم صلاة تحية المسجد فإنها تسقط عنه، ولا يحصل له ثوابها.

* قوله: (وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ مِنْ هَذَا الْبَابِ فِيمَنْ جَاءَ الْمَسْجِد وَقَدْ رَكَعَ رَكْعَتَي الْفَجْرِ فِي بَيْتِهِ، هَلْ يَرْكَعُ عِنْدَ دُخُولِهِ الْمَسْجِدَ أَمْ لَا؟ فَقَالَ الشَّافِعِيُّ (١): يَرْكَعُ، وَهِيَ رِوَايَةُ أَشْهَبَ عَنْ مَالِكٍ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ (٢): لَا يَرْكَعُ، وَهِيَ رِوَايَةُ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ (٣).

وَسَبَبُ اخْتِلَافِهِمْ: عُمُوم مُعَارَضَة قَوْلِهِ -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ-: "إِذَا جَاءَ أَحَدُكُمُ الْمَسْجِدَ فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ". وَقَوْلُهُ -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ-: "لَا صَلَاةَ بَعْدَ الْفَجْرِ إِلَّا رَكْعَتَي الصُّبْحِ" (٤) فَهَا هُنَا عُمُومَانِ وَخُصُوصَانِ: أَحَدُهُمَا: فِي الزَّمَانِ، وَالَاخَرُ: فِي الصَّلَاةِ. وَذَلِكَ أَنَّ حَدِيثَ الْأَمْرِ بِالصَّلَاةِ عِنْدَ دُخُولِ الْمَسْجِدِ عَامٌّ فِي الزَّمَانِ، خَاصٌّ فِي الصَّلَاةِ، وَالنَّهْيُ عَنِ الصَّلَاةِ بَعْدَ الفَجْرِ إِلَّا رَكْعَتَي الصُّبْحِ خَاصٌّ فِي الزَّمَان عَامٌّ فِي الصَّلَاةِ،


(١) وجهان في المذهب؛ يُنظر: "المجموع" (٤/ ١٦٤)؛ حيث قال: "وهل يكره التنفل لمن صلى ركعتي الفجر فيه وجهان، أحدهما يكره".
(٢) يُنظر: "البناية شرح الهداية" (٢/ ٦٦)؛ حيث قال: "ويكره أن يتنفل بعد الفجر حتى تطلع الشمس وبعد العصر حتى تغرب الشمس".
(٣) يُنظر: "الجامع لمسائل المدونة" (٢/ ٧٦٢)؛ حيث قال: "وقال ابن حبيب: من السنة كراهية الصلاة بعد الفجر إلا ركعتي الفجر".
(٤) أخرجه عبد بن حميد كما في: "المنتخب من مسند عبد بن حميد" (٣٣٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>