للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- كما ورد ذلك في "الصَّحيحين"؛ فعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ: أَنَّ امْرَأَةً سَوْدَاءَ كَانَتْ تَقُمُّ المَسْجِدَ، أَوْ شَابًّا، فَفَقَدَهَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فَسَأَلَ عَنْهَا، أَوْ عَنْهُ، فَقَالُوا: مَاتَ، قَالَ: "أَفَلَا كنْتُمْ آذَنْتُمُونِي! ". قَالَ: فَكَأَنَّهُمْ صَغَّرُوا أَمْرَهَا، أَوْ أَمْرَهُ، فَقَالَ: "دُلُّونِي عَلَى قَبْرِهِ! ". فَدَلُّوهُ، فَصَلَّى عَلَيْهَا، ثُمَّ قَالَ: "إِنَّ هَذِهِ القُبُورَ مَمْلُوءَة ظُلْمَةً عَلَى أَهْلِهَا، وَإِنَّ اللَّهَ عز وجل يُنَوِّرُهَا لَهُمْ بِصَلَاتِي عَلَيْهِمْ" (١).

لكن المقابر لا تُؤَدَّى فيها الصلوات، وقد ورد النهيُ عن ذلك وسبق الكلام عنه.

وصلاة الرجل في بيته -ما عدا الفريضة- هي أفضل، ولذلك رأينا أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فعل ذلك، وكذلك الصحابة والمسلمون إلى يومنا هذا؛ فأفضل صلاة الرجل في بيته إلا المكتوبة (٢)، والحديث الذي في البخاري، وقد أوردناه قريبًا: "اجعَلوا مِن صلاتِكم في بيوتِكم، ولا تَتَّخِذوها قُبُورًا" (٣).

"لَا تَتَّخِذوها قُبُورًا": لا تَهجروها؛ لأن الصلاة فيها ذِكر؛ تسبيح، وتحميد، وتكبير، فهي عبادةٌ للَّه سبحانه وتعالى، ولا ينبغي أن يخلو بيتك من هذا الذكر ومن هذا التسبيح ومن طاعة اللَّه سبحانه وتعالى.

* قوله: (وَلِقَوْلِ عُمَرَ فِيهَا: "وَالَّتِي تَنَامُونَ عَنْهَا أَفْضَلُ". وَاخْتَلَفُوا فِي المُخْتَارِ مِنْ عَدَدِ الرَّكَعَاتِ الَّتِي يَقُومُ بِهَا النَّاسُ فِي رَمَضَانَ) (٤).


(١) أخرجه مسلم (٢١٧٤).
(٢) تَقَدَّمَ تخريجُه.
(٣) تَقَدَّمَ تخريجه.
(٤) يُنْظَر: "الفتاوى الفقهية الكبرى" لابن حجر الهيتمي (١/ ١٩٤)، حيث سئل: "هل صَحَّ أو ورد أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- صَلَّى التراويح عشرين ركعة؟
(فأجاب) بقوله: لم يصح ذلك، بل الأمر بقيام رمضان والترغيب فيه من غير ذِكر عدد، وصلاته -صلى اللَّه عليه وسلم- بهم صلاة لم يُذكر عددها ليالي، ثم تأخر في رابع ليلة؛ خشية أن تُفرض عليهم، فيَعجزوا عنها، وأما ما ورد من طرق أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يصلي في رمضان عشرين ركعة والوتر، فهو شديد الضعف".

<<  <  ج: ص:  >  >>