للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(المَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: وَاخْتَلَفُوا فِي الوَقْتِ الَّذِي تُصَلَّى فِيهِ؛ فَقَالَ الشَّافِعِيُّ: "تُصَلَّى فِي جَمِيعِ الأَوْقَاتِ المَنْهِيِّ عَنِ الصَّلَاةِ فِيهَا، وَغَيْرِ المَنْهِيِّ").

صدر المؤلف الأقوال بقول الإمام الشافعي؛ لأن الشافعية يرون أن جميع السنن ذات الأسباب تُصَلَّى في أيِّ وقت من الأوقات، وهذه المسألة مرتبطة بأوقات النهي الخمسة التي ثَبتت عن الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- بأحاديث صحيحة بعضها في "الصحيحين"، وبعضها في "صحيح مسلم" أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- نهى أن يُصَلَّى فيها، فقد ثبت في "الصحيحين" أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال -في عدة أحاديث-: "لا صَلَاة بعد صلاةِ الصُّبْح حَتَّى تَطلع الشمسُ، ولا صلاةَ بعد صلاة العَصر حَتَّى تَغرب الشمسُ" (١).

وجاء في حديث عقبة بن عامر الذي أخرجه مسلم وغيره أنه قال: "ثلاثُ ساعاتٍ نهانا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أن نُصَلِّي فيهن، أو أن نَقبر فيهن موتانا؛ حين تطلع الشمس بازغة حتى ترتفع. . . " (٢)، وهي التي يتكلم عنها الفقهاء، فيقولون: حتى ترتفع قيد رمح (٣)، "وحين يقوم قائم الظهيرة"؛ أي: حين تتوسط الشمس في كبد السماء في وقت الزوال، "وحين تَضيف الشمس للغروب"؛ أي: تميل للغروب (٤).

فهذه أوقات خمسة ثبت أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- نهى عن الصلاة فيها، فهل النهي على إطلاقه؟


(١) أخرجه البخاري (٥٨٦) ومسلم (٨٢٧/ ٢٨٨)، عن أبي سعيد الخدري، يقول: سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "لا صلاةَ بعد الصُّبح حتى ترتفع الشمس، ولا صلاة بعد العصر حتى تغيب الشمس".
(٢) أخرجه مسلم (٨٣١).
(٣) قِيد رمح بالكسر، وقاد رمح؛ أي: قدر رمح. انظر: "الصحاح" للجوهري (٢/ ٥٢٩).
(٤) يُنْظَر: "الشرح الكبير" للدردير (١/ ٤٠٣)، حيث قال: "قَالَ أَبُو الحَسَنِ: حَكَى ابْنُ الجَلَّاب فِي وَقْتِهَا ثَلَاثَ رِوَايَاتٍ عَنْ مَالِكٍ؛ إحْدَاهَا أَنَّهَا مِنْ حِلِّ النَّافِلَةِ لِلزَّوَالِ؛ كَصَلَاةِ العِيدَيْنِ وَالِاسْتِسْقَاءِ".

<<  <  ج: ص:  >  >>