للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا شَكَّ أن هذا التعليل أو التوجيه الذي نقض فيه المؤلف مذهب المالكية في مَحله، علما أن المؤلف مالكي، عاش وترعرع ونشأ ودرس المذهب المالكي، ولم يَعرف غيره إلا عن طريق الاطلاع، ومع ذلك ما تأثر، والمؤلف له بعض الانزلاق والأخطاء التي وقع فيها في جانب العقيدة، وهذا أمر نسأل اللَّه لنا وله العافية منه، والعلماء قد تكلموا فيه كلامًا طويلًا، ولكننا نتكلم الآن عن الفقه وأنه غير متأثر في هذه المسألة.

قال المصنف رحمه اللَّه تعالى:

(المَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: وَاخْتَلَفُوا أَيْضًا: هَلْ مِنْ شُرُوطِهَا الخُطْبَةُ بَعْدَ الصَّلَاةِ؟ فَذَهَبَ الشَّافِعِيُّ إِلَى أَنَّ ذَلِكَ مِنْ شَرْطِهَا. وَذَهَبَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ إِلَى أَنَّهُ لَا خُطْبَةَ فِي صَلَاةِ الكُسُوفِ).

اختلف العلماء في المسألة: هل مِن شروط صلاة الكسوف خطبة بعد الصلاة أو لا؟

فذهب الشافعيَّةُ (١): إلى القول بالخطبة بعد الصلاة وانجلاء الشمس أو القمر على غِرَار خُطبة الجمعة والعيدين.

أمَّا جمهور العلماء (٢): فإنَّهم لا يرون الخطبة.


(١) يُنْظَر: "تحفة المحتاج" للهيتمي (٣/ ٦٠): " (ثم يخطب) من غير تكبير/ كما بحثه ابن الأستاذ (الإمام)؛ للاتِّباع في كسوف الشمس. متفق عليه، وقِيس به خسوف القمر، وتُكره الخطبة في مسجدٍ بغير إذن الإمام خشية الفتنة، ويؤخذ منه: أنَّ محله ما إذا اعتيد استئذانه، أو كان لا يراها، ويخطب إمام نحو المسافرين لا إمامة النساء، نعم إن قامت واحدة فَوَعظتهن، فلا بأس، وكذا في العِيد، كما هو ظاهر، (خُطبتين بأركانهما) وسننهما السابقة (في الجمعة) قياسًا عليها".
(٢) فمذهب الحنفية:
يُنْظَر: "مختصر القدوري" (١/ ٤٣)، حيث قال: "ليس في الكسوف خُطبة".
ومذهب المالكية، يُنْظَر: "حاشية الدسوقي" (١/ ٤٠٢) حيث قال: " (قوله: لأنَّهما لا خُطبة، إلخ)، ومن المعلوم: أنَّ كل صلاة نهارية لا خُطبة لها ولا إقامة لها، فالقراءة فيها سرًّا". =

<<  <  ج: ص:  >  >>