للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وسبب الخلاف في ذلك: أنَّه جاء في الحديث الصحيح وبروايات متعددة أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إنَّ الشَّمس والقمر آيتان من آيات اللَّه، لا يخسفان لموتِ أحدٍ ولا لحياته، فإذا رأيتم ذلك فادعوا اللَّه، وكبِّروا، وصَلُّوا، وتَصَدَّقوا" (١).

وجاء -أيضًا- في هذا الحديث: أنَّ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "واللَّهِ ما أحدٌ أغيرَ مِن اللَّه أن يَزني عبدُه، أو أن تَزني أَمَتُه" (٢).

وجاء -أيضًا- فيه أنه -عليه الصلاة والسلام- قال: "يا أُمَّة مُحمد، واللَّه لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلًا ولبكيتم كثيرًا" (٣).

والشافعيَّة أخذوا من هذا: أنه بعد أن فرغ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- من صلاة الكسوف، وأنعم اللَّه -سبحانه وتعالى- على عباده بتجلي الشمس وزوال ما بهم من غَمٍّ وهَمٍّ ومن خوف بعد أن عادوا إلى اللَّه -سبحانه وتعالى- واطَّرحوا بين يديه خاشعين ذليلين متضرعين تائبين متصدقين؛ فإن اللَّه -سبحانه وتعالى- قد رفع ما بهم.

فرأى الشافعية أنَّ هذه خُطبة خطبها رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-؛ لتكون نِبراسًا يهتدي بها الناس بعده، يهتدي بها المسلمون، وأنه ينبغي أن يُعمل بهذه السُّنَّة، فتقرر بذلك الخطبة.

وجمهور العلماء يقولون: إنَّ ما حصل من خطبة رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- إنَّما هي دعوة وتوجيه وإرشاد لأمته؛ لأنهم يحتاجون إلى بيان الحكم، فأراد رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أن يُبين لهم الحكم، فبين لهم ما يفعل في ذلك،


= ومذهب الحنابلة، يُنْظَر: "كشاف القناع" للبهوتي (٢/ ٦٢)، حيث قال: " (ولا خُطبة لها)؛ " لأنَّ "النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أمر بالصلاة دون الخطبة"، وإنَّما خطب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بعد الصلاة؛ ليُعَلِّمهم حكمها، وهذا مختص به، وليس في الخبر ما يدلُّ على أنه خطب كخُطبتي الجمعة".
(١) تَقَدَّمَ تخريجُه.
(٢) تَقَدَّمَ تخريجُه.
(٣) تَقَدَّمَ تخريجُه.

<<  <  ج: ص:  >  >>