للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهو أنهم في مثل هذه الحالة ليس أمامهم ولا عليهم إلا أن يرجعوا إلى اللَّه -سبحانه وتعالى-؛ مُستغفرين تائبين، فيدعون اللَّه -سبحانه وتعالى- سِرًّا وجهرًا، ويكبرون اللَّه -سبحانه وتعالى- ويحمدونه، ويثنون عليه، ويؤدون الصلوات، وكذلك يتصدقون ويُكثرون من الإعتاق، فأراد رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أن يُبين لهم هذه الأحكام؛ لأنَّه مأمور ببيان ذلك، واللَّه -تعالى- يقول له: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} [النحل: ٤٤]، فالرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- جاء لِيُبلغ هذا الكتاب إلى هذه الأمة؛ {وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ} [الأنعام: ١٩].

ولا ننسى -أيضًا- أن الكسوف تزامن مع موت إبراهيم ابن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-؛ فتردد في أذهان بعض الناس أنَّ الشمس كسفت لموت إبراهيم؛ فأراد رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أن يُبَيِّن لهم أن الشمس والقمر آيتان من آيات اللَّه، لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته، ولكنهما آيتان يُخَوِّف اللَّه -سبحانه وتعالى- بهما عباده؛ ليعودوا إليه، فيصلحوا ما فَسَد من أعمالهم، ويَجبروا ما نقص منها، فيكرمهم ويرفع عنهم ما حَلَّ بهم من ضعف وخوف وقحط.

* قوله: (فَذَهَبَ الشَّافِعِيُّ إِلَى أَنَّ ذَلِكَ مِنْ شَرْطِهَا.

وَذَهَبَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ إِلَى أَنَّهُ لَا خُطْبَةَ فِي صَلَاةِ الكُسُوفِ) (١).

ومعهما الإمام أحمد.

والجمهور يقولون: إنَّ خطبة رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- لم يكن القصد منها تقرير حكم خطبة، وأنها مشروعة في هذا المقام على النحو المعروف في خطبة الجمعة، وإنما القصد من ذلك بيان الأحكام للناس، بخلاف الشافعية الذين يَرون أن القصد من خطبة الرسول كان تقريرًا لحكمها (٢).


(١) تقدَّم قريبًا.
(٢) سبق تقرير المذاهب في ذلك قريبًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>