للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولكن لا مانع أن يتقدم الإمام بعد صلاة الكسوف بتذكير الناس بأيام اللَّه، وما أعد لهم من الثواب الكريم لأهل الطاعة والعذاب الأليم لأهل المعصية، وأن يَعظهم ويبين لهم ما يجب عليهم تجاه ربِّهم، ويُرَهِّبهم بعذاب القبر ويرغبهم في نعيمه.

فلا شَكَّ أن للإمام أن يوجه الناس وأن ينصحهم في كل وقت من الأوقات، ولكن -أيضًا- لا ينبغي أن يُكثر ذلك؛ لأن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يتعاهد الناس بالموعظة، فما كان يكثر المواعظ؛ لأن الناس لو أكثرت عليهم ربما يَملُّون (١).

* قوله: (وَالسَّبَبُ فِي اخْتِلَافِهِمُ: اخْتِلَافُ العِلَّةِ الَّتِي مِنْ أَجْلِهَا خَطَبَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- النَّاسَ. . .).

فالشافعية ترى أن الخطبة مُقررة على غِرَار خطبة العيد.

والجمهور يرون أنها كانت لبيان الأحكام فقط، كما سبق أن فَصَّلْتُ.

* قوله: (لَمَّا انْصَرَفَ مِنْ صَلَاةِ الكُسُوفِ عَلَى مَا فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ، وَذَلِكَ أَنَّهَا رَوَتْ: "أَنَّهُ لَمَّا انْصَرَفَ مِنَ الصَّلَاةِ، وَقَدْ تَجَلَّتِ الشَّمْسُ، حَمِدَ اللَّهَ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: "إِنَّ الشَّمْسَ وَالقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ، لَا يُخْسَفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ، وَلَا لِحَيَاتِهِ"، الحَدِيثَ (٢)، فَزَعَمَ الشَّافِعِيُّ أَنَّهُ إِنَّمَا خَطَبَ؛ لِأَنَّ مِنْ سُنَّةِ هَذِهِ الصَّلَاةِ الخُطْبَةَ كَالحَالِ فِي صَلَاةِ العِيدَيْنِ وَالِاسْتِسْقَاءِ. وَزَعَمَ بَعْضُ مَنْ قَالَ بِقَوْلِ أُولَئِكَ: أَنَّ خُطْبَةَ النَّبِيِّ -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ- إِنَّمَا كَانَتْ يَوْمَئِذٍ؛ لِأَنَّ النَّاسَ زَعَمُوا أَنَّ الشَّمْسَ إِنَّمَا كَسَفَتْ لِمَوْتِ إِبْرَاهِيمَ ابْنِهِ -عليه السلام-).


(١) أخرجه مسلم (٢٨٢١) عن ابن مسعود قال: "كَانَ رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يَتَخَوَّلُنَا بِالمَوْعِظَةِ فِي الأَيَّامِ؛ مَخَافَةَ السَّآمَةِ عَلَيْنَا".
(٢) تَقَدَّمَ تخريجُه.

<<  <  ج: ص:  >  >>