للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"فَإِذا رأيتم ذلك"، والإشارة تعود إلى الكل، "فَصَلُّوا"، وفي بعضها: "فَصَلُّوا وادْعُوا"، والروايات كثيرة جدًّا.

فمِن العلماء مَن قال: إلى الأمر مقصور على صلاة كسوف الشمس، أما القمر فلا؛ قالوا: لأن فِعْل رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- جاء بيانًا لقوله؛ لأن ما جاء عن قوله إنَّما كان مقصورًا على صلاة كسوف الشمس. وهذا ما نهجه المؤلف وذهب إليه، ولكننا لا نوافقه وسنرد قوله الذي يقول فيه بأنه لم يَرِد في ذلك أحاديث.

* قوله: (فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُمَا فَادْعُوا اللَّهَ، وَصَلُّوا حَتَّى يَكْشِفَ مَا بِكُمْ، وَتَصَدَّقُوا"، خَرَّجَهُ البُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ) (١).

هذا تكلمنا عنه وبينا أنه عندما تنزل بالمسلمين نازلة كما ترون؛ ككسوف الشمس أو القمر، فإن الناس يحمدون اللَّه كثيرًا، ويُكَبِّرون، ويثنون عليه، ويَدعونه ويتضرعون إليه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.

* قوله: (فَمَنْ فَهِمَ هَاهُنَا مِنَ الأَمْرِ بِالصَّلَاةِ فِيهِمَا مَعْنًى وَاحِدًا، وَهِيَ الصِّفَةُ الَّتِي فَعَلَهَا فِي كُسُوفِ الشَّمْسِ، رَأَى الصَّلَاةَ فِيهَا فِي جَمَاعَةٍ، وَمَنْ فَهِمَ مِنْ ذَلِكَ مَعْنًى مُخْتَلِفًا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُرْوَ عَنْهُ -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ- أَنَّهُ صَلَّى فِي كُسُوفِ القَمَرِ مَعَ كثْرَةِ دَوَرَانِهِ. . .).

هذا الكلام الذي قاله المؤلف بعدم ورود أحاديث في كسوف القمر غير مُسَلَّم له، بل ومردود؛ فقد جاء فيه أربعة أحاديث: حديث أبي بَكْرَة (٢)، وحديث عبد اللَّه بن عباس (٣)، وحديث عائشة (٤)، وحديث


(١) أخرجه البخاري (١٠٢٤)، ومسلم (٩١١).
(٢) أخرجه الحاكم في "المستدرك" (١/ ٤٨٤)، عَنْ أَبِي بَكْرَةَ: "أَنَّ النَّبِيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- صَلَّى رَكْعَتَيْنِ بِمِثْلِ صَلَاتِكُمْ هَذَا فِي كُسُوفِ الشَّمْسِ وَالقَمَرِ".
(٣) سيذكره الشارح بعد قليل.
(٤) أخرجه الدارقطني في "سننه" (٢/ ٤١٨)، عَنْ عَائِشَةَ: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- كَانَ يُصَلِّي =

<<  <  ج: ص:  >  >>