للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن هنا نرى أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عندما احتبس المطر -كما جاء في حديث عبد اللَّه بن عباس- خرج متبذلًا (١)، متواضعًا (٢)، متخشعًا (٣)، متضرعًا (٤) إلى اللَّه -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- (٥)؛ إظهارًا لضعف المخلوق أمام اللَّه -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-؛ إذ إن توقف المطر دليل على وقوع الذنوب والمعاصي، وهذه المعاصي تقتضي أن نعود إلى اللَّه -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-، وأن نحاسب أنفسنا حسابًا عسيرًا، فنصلح ما قد حصل منا من تفريط في جنب اللَّه، وارتكاب للمعاصي، وما قد وقع من التشاحن (٦) والتطاحن والتكالب (٧) على أمور الدنيا، مما يوقع الخلاف بين المؤمنين، وهذا مما يؤدي إلى الابتعاد عن اللَّه -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-، والخروج عن الطريق الذي أمرنا بسلوكه.


(١) التبذل: ترك التزين والتهيؤ بالهيئة الحسنة الجميلة على جهة التواضع. انظر: "النهاية في غريب الحديث والأثر" لابن الأثير (١/ ١١١).
(٢) أخرجه النسائي (١٥٠٨) وغيره، عن هشام بن إسحاق بن عبد اللَّه بن كنانة، عن أبيه، قال: "سألت ابن عباس عن صلاة رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في الاستسقاء، فقال: خرج رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- متبذلًا، متواضعًا، متضرعًا، فجلس على المنبر فلم يخطب خطبتكم هذه، ولكن لم يزل في الدعاء والتضرع والتكبير، وصلى ركعتين كما كان يصلي في العيدين"، وحسنه الألباني في "إرواء الغليل" (٦٦٥).
والتواضع: التذلل. انظر: "مختار الصحاح" للرازي (ص: ٣٤١).
(٣) التخشع والإخشاع: التذلل، ورمي البصر إلى الأرض، وخفض الصوت، وسكون الأعضاء. انظر: "المطلع على ألفاظ المقنع" للبعلي (ص: ١٤٥)، و"تحرير ألفاظ التنبيه" للنووي (ص: ٦٦).
(٤) التضرع: التذلل والمبالغة في السؤال والرغبة. انظر: "النهاية" لابن الأثير (٣/ ٨٥).
(٥) أخرجه النسائي (١٥٢١) عن هشام بن إسحاق بن عبد اللَّه بن كنانة، عن أبيه، قال: "أرسلني أمير من الأمراء إلى ابن عباس أسأله عن الاستسقاء، فقال ابن عباس: ما منعه أن يسألني؟ خرج رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- متواضعًا متبذلًا، متخشعًا، متضرعًا، فصلى ركعتين كما يصلي في العيدين، ولم يَخطب خطبتكم هذه"، وحسَّنه الألباني في "إرواء الغليل" (٦٦٥).
(٦) المشاحن: المعادي. والشحناء: العداوة. والتشاحن تَفَاعل منه. "النهاية" لابن الأثير (٢/ ٤٤٩).
(٧) تكالب الناس على الأمر: حرصوا عليه حتى كأنهم كلاب. انظر: "المحكم والمحيط الأعظم" لابن سيده (٧/ ٤٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>