للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واللَّه -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- قد اختاره اللَّه وزكاه، وهو عبد اللَّه ورسوله؛ ولذلك فإنه عندما دعا اللَّه -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- استجاب دعاءه.

وهكذا وجدنا أن عمر -رضي اللَّه عنه- في عام الرمادة، حينما حل القحط بالمؤمنين، ونزل بساحتهم، فأصاب المؤمنين من الفاقة ما لم يصبهم مثله من قبل - لجأ إلى اللَّه -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-، وطلب منه السقيا، وذكر أن المؤمنين كانوا يستسقون برسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فيدعو اللَّه -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- لهم، فيستجيب اللَّه دعاءه، وقال: إننا نستسقي الآن بعمِّ نبيك العباس، وسألوا اللَّه -تعالى- أن يسقيهم، فسقاهم (١).

هذا رجوع إلى اللَّه -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-، وإظهار للضعف، فإذا كان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- خرج متبذلًا بثياب البذلة، غير متزين بثوب، فكيف بمن دونه؟!

ومن هنا قال العلماء: يخرج المسلم في ثياب يسيرة، لا يتطيب، ولا يتزين، ويخرج كذلك متواضعًا؛ فإن مَن تواضع للَّه -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- رفعه (٢)، ويجب أن يكون خاشعًا ذليلًا بين يدي اللَّه -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-، وأن يتضرع إليه، داعيًا إياه بتضرع وإلحاح، فإن اللَّه -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- يحب المُلَحِّين بالدعاء (٣): {ادْعُوا رَبَّكُمْ


= نرى في السماء سحابًا، فألف اللَّه بين السماء وملئنا، حتى رأيت الرجل الشديد تهمه نفسه إلى أن يأتي أهله، ثم مطرنا أسبوعًا. . . "، الحديث.
(١) أخرجه ابن حبان في "صحيحه" (٢٨٦١) وغيره، عن أنس، قال: "كانوا إذا قحطوا على عهد النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، استسقوا بالنبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، فيستسقي لهم فيسقون، فلما كان بعد وفاة النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في إمارة عمر، قحطوا فخرج عمر بالعباس يستسقي به، فقال: اللهم إنا كنا إذا قحطنا على عهد نبيك -صلى اللَّه عليه وسلم-، واستسقينا به، فسقيتنا، وإنا نتوسل إليك اليوم بعم نبيك -صلى اللَّه عليه وسلم-، فاسقنا قال: فسقوا"، وصححه الألباني في "إرواء الغليل" (٦٧٢).
(٢) معنى حديث أخرجه مسلم (٢٥٨٨) وغيره، عن أبي هريرة، عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، قال: ". . . وما تواضع أحد للَّه إِلَّا رفعه اللَّه".
(٣) معنى حديث أخرجه الطَّبراني في "الدعاء" (ص: ٢٨) عن عائشة -رضي اللَّه عنها- قالت: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إن اللَّه عَزَّ وَجَلَّ يحب المُلحين في الدعاء"، وقال الألباني في "السلسلة الضعيفة": "باطل" (٦٣٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>