للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جاء في "الصحيحين" وغيرهما بعدة ألفاظ، منها اللفظ الذي ذكرت آنفًا: "يا رسول اللَّه، هلك المال، وجاع العيال" (١).

ومنها هذا اللفظ الذي جاء به المؤلف: "هلكت المواشي، وتقطعت السبل".

والقصد من ذلك: أن المواشي قد هلكت بسبب الجدب، لأنها لم تجد شيئًا ترعاه، وتقطعت السبل بالناس، لأنهم تفرقوا يمينًا وشمالًا يبحثون عن مواضع القطر والعشب، لترعى فيه أنعامهم.

إذًا هذا هو السبب، ولذلك جاء هذا الأعرابي بكل صراحة، ووقف بين يدي رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقال له: "هلكت المواشي، وتقطعت السبل بالناس، وطلب من رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أن يدعو لهم، فاستجاب لذلك رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وهو الذي وصفه اللَّه -تعالى- بالرأفة والرحمة، فاستجاب اللَّه -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- دعاء نبيه، فنزل المطر.

وهكذا عندما استسقوا وطلبوا السُّقيا من اللَّه -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- ومعهم العباس (٢)، وقد فعل ذلك معاوية عندما جاء بأحد الصالحين وأجلسه أمامه، وخطب الناس (٣).


(١) تقدَّم تخريجه.
(٢) أخرج البخاري (١٠١٠)، عن أنس بن مالك: "أنَّ عمر بن الخطاب -رضي اللَّه عنه- كان إذا قحطوا استسقى بالعباس بن عبد المطلب، فقال: اللهم إنَّا كنا نتوسل إليك بنبينا فتسقينا، وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا، قال: فيسقون".
(٣) وهو يزيد بن الأسود. يُنظر: "سير أعلام النبلاء" للذهبي (٤/ ١٣٧) حيث قال: "وروى صفوان بن عمرو عن سليم بن عامر، قال: خرج معاوية يستسقي، فلما قعد على المنبر، قال: أين يزيد بن الأسود؟ فناداه الناس، فأقبل يتخطاهم، فأمره معاوية، فصعد المنبر. قال معاوية: اللهم إنا نستشفع إليك بخيرنا وأفضلنا يزيد بن الأسود، يا يزيد، ارفع يديك إلى اللَّه. فرفع يديه، ورفع الناس، فما كان بأوشك من أن ثارت سحابة كالتُّرس، وهَبَّت ريح، فسُقينا حتى كاد الناس أن لا يبلغوا منازلهم". وانظر: "البداية والنهاية" لابن كثير (١٢/ ١٦١). قال الحافظ ابن حجر: "سنده صحيح". انظر: "التمييز في تلخيص تخريج أحاديث شرح الوجيز"، المشهور بـ "التلخيص الحبير" (٣/ ١١٤٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>