للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المعاصي وعن الظلم؛ فإن الظلم ظلمات يوم القيامة (١)، والرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- حذر منه، وقال لمعاذ -وقد أرسله إلى اليمن-: "واتَّق دعوة المَظلوم" -مع أنه أرسله إلى أهل كتاب- "فإنَّه ليس بينها وبين اللَّه حجاب" (٢).

واللَّه -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- يقول في الحديث القدسي: "يا عبادي، إني حَرَّمت الظلم على نفسي، وجعلته بينكم محرمًا، فلا تظالموا" (٣).

إذًا يجب على العباد أن يجتنبوا المعاصي، ويجتنبوا الظلم، ويجتنبوا التهافت والتكالب (٤) على الدنيا والتنافس والتطاحن عليها، ويتجنبوا قطيعة الرحم التي غالبًا ما يكون سببها مصالح الدنيا، وكذلك -أيضًا- على الإنسان أن يُحسن إلى والديه، وأن يَبرهما، ويُحسن عشرتهما، ويحسن كذلك إلى بقية أقاربه وإلى المؤمنين عمومًا، فإن المسلم يراجع نفسه ويصوم ويكثر من الصدقات ومن جميع أوجه البر، فبذلك يُطهر نفسه، فإذا ما طهر المؤمنون أنفسهم، عادوا إلى اللَّه -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-، وتابوا إليه، فإذا ما فعلوا ذلك وخرجوا وقد نقوا أنفسهم وطهروها من كل دنس، فهم أحرى بأن يجيب اللَّه -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- دعاءهم، كما أجاب دعاء نبيه ودعاء أصحابه.


(١) معنى حديث أخرجه البخاري (٢٤٤٧) ومسلم (٢٥٧٩/ ٥٧) عن عبد اللَّه بن عمر -رضي اللَّه عنهما-، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "الظلم ظلمات يوم القيامة".
(٢) أخرجه البخاري (١٤٩٦) ومسلم (١٩) عن ابن عباس -رضي الله عنهما-، قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- لمعاذ بن جبل حين بعثه إلى اليمن: "إنَّك ستأتي قومًا أهل كتاب، فإذا جئتهم، فادعهم إلى أن يشهدوا أن لا إله إِلَّا اللَّه، وأن محمدًا رسول اللَّه، فإن هم أطاعوا لك بذلك، فأخبرهم أن اللَّه قد فرض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة، فان هم أطاعوا لك بذلك، فأخبرهم أن اللَّه قد فرض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم، فإن هم أطاعوا لك بذلك، فإياك وكرائم أموالهم، واتَّق دعوة المظلوم؛ فإنه ليس بينه وبين اللَّه حجاب".
(٣) أخرجه مسلم (٢٥٧٧) عن أبي ذر -رضي اللَّه عنه-.
(٤) تكالب الناسُ على الأمر: حَرَصُوا عليه، حتى كأنهم كِلابٌ، وهو مجاز. انظر: "تاج العروس"، للزبيدي (٤/ ١٦٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>