للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* قوله: (إِذْ قَدْ ثَبَتَ أَنَّهُ -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ- قَدِ اسْتَسْقَى عَلَى المِنْبَرِ، لَا أَنَّهَا لَيْسَتْ مَنْ سُننهِ، كَمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ أَبُو حَنِيفَةَ).

من العلماء من يُفَصِّل فيقول: إن للاستسقاء أنواعًا ثلاثة (١):


(١) وهم الشافعية والحنابلة:
مذهب الشافعية، يُنظر: "المجموع شرح المهذب" للنووي (٥/ ٦٤) حيث قال: "والاستسقاء أنواع: (أدناها): الدعاء، بلا صلاة ولا خلف صلاة؛ فرادى ومجتمعين لذلك في مسجد أو غيره، وأحسنه: ما كان من أهل الخير. (النوع) الثاني، وهو أوسطها: الدعاء خلف صلاة الجمعة، أو غيرها من الصلوات، وفي خطبة الجمعة، ونحو ذلك؛ قال الشافعي في "الأم": "وقد رأيت مَن يقيم مؤذنًا فيأمره بعد صلاة الصبح والمغرب أن يَستسقي، ويحض الناس على الدعاء، فما كرهت ما صنع من ذلك. (النوع الثالث) أفضلها: وهو الاستسقاء بصلاة ركعتين وخطبتين، وتأهب لها قبل ذلك، ويستوي في استحباب هذه الأنواع أهل القرى والأمصار والبوادي والمسافرون، ويسن لهم جميعًا الصلاة والخطبتان، ويستحب ذلك للمنفرد إِلَّا الخطبة.
ومذهب الحنابلة، يُنظر: "المغني" لابن قدامة (٢/ ٣٢٧، ٣٢٨) حيث قال: "ويستحب أن يستسقوا عقيب صلواتهم، ويوم الجمعة يدعو الإمام على المنبر، ويُؤَمِّن الناس؛ قال القاضي: الاستسقاء ثلاثة أضرب، أكملها: الخروج والصلاة على ما وصفنا. ويليه: استسقاء الإمام يوم الجمعة على المنبر. . . الثالث: أن يدعو اللَّه تعالى عقيب صلواتهم، وفي خَلوَاتهم".
ومذهب المالكية: أن الاستسقاء بالدعاء سنة؛ أي: سواء أكان بصلاة أم بغير صلاة، ولا يكون الخروج إلى المصلى إِلَّا عند الحاجة الشديدة إلى الغيث. يُنظر: "مواهب الجليل" للحطاب (٢/ ٢٠٥) حيث قال: "الاستسقاء يكون لأربع: الأول للمحل والجدب. والثاني: عند الحاجة إلى شرب شفاههم أو دوابهم ومواشيهم في سفر في صحراء أو في سفينة أو في الحضر. والثالث: استسقاء مَن لم يكن في محل ولا حاجة إلى الشرب، وقد أتاهم من الغيث ما إن اقتصروا عليه كانوا في دون السعة، فلهم أن يستسقوا ويسألوا اللَّه المزيد من فضله؛ قال مالك: كل قوم احتاجوا زيادة إلى ما عندهم، فلا بأس أن يستسقوا. والرابع: استسقاء مَن كان في خصب لمن كان في جدب ومحل، وهذه الأربعة في الحكم على ثلاثة أوجه، فالوجهان الأولان سُنة لا ينبغي تركها، والثالث مباح، والرابع مندوب إليه. انتهى. قوله: (إنهم يستسقون)، يريد الدعاء لا البروز إلى المصلى على سنة الاستسقاء؛ لأن ذلك إنما يكون عند الحاجة الشديدة إلى الغيث، حيث فعله رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-". =

<<  <  ج: ص:  >  >>