للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نحن عندما نأخذ كلمة (عيد) ونريد أن نطبقها على القواعد الصرفية، نجد أنها قد دخلتها علة صرفية؛ لأن الأصل في كلمة (عيد) إنما هو عِود، والعيد إنما هو مشتق من العود؛ لأنه يعود ويتكرر بالفرح على المسلمين (١).

ومعلوم أن عيد الفطر إنما يعقب شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن، والمسلمون عندما يصومون هذا الشهر؛ فقد أنعم اللَّه -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- عليهم بصيام وقيام ذلك الشهر، وبما تجود به نفوسهم من الصدقات، وبما فضل وميز اللَّه -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- به هذا الشهر على سائر الشهور، فإذا ما وفق اللَّه -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- عباده المؤمنين إلى إتمام ذلك الشهر، فإنه يعقب ذلك العيد.

وهذا العيد إنما يأتي للفرح والسرور فيه؛ لأن اللَّه -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- قد أنعم عليهم بنعمة إتمام هذا الشهر؛ ولذلك يقول اللَّه -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- بعد الحديث عن الصيام: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [البقرة: ١٨٥]، وهذا في عيد الفطر.

والعيد الآخر إنَّما هو عيد الأضحى، وسُمِّي عيد الأضحى؛ لأنه تذبح فيه الضحايا.


(١) العيد: مشتق من عيد إذا جمع. وعند أهل اللغة: "إنَّما سمي العيد عيدًا؛ لأنه يعود كل سنة بفرح مجدد، ولاعتياد الناس به كل حين، ومعاودته إيَّاهم، وجمعه: أعياد. والقياس أن يكون أعوادًا؛ لأن الياء منقلبة عن الواو، والجمع يَرد الأشياء إلى أصولها كالتصغير، إِلَّا أنه جمع بالياء؛ ليكون فرقًا بينه وبين جمع العُود، وهو أعواد الخشب. وقيل: للزومها في الواحد". انظر: "أنيس الفقهاء" للقونوي (ص: ٤٠)، و"تهذيب اللغة" للأزهري (٣/ ٨٥).
قال زروق: "وسمى العيد عيدًا؛ لأنه يعود؛ أي: يتكرر، أو يعود الناس فيه على أهاليهم بالإنفاق، ويعود اللَّه فيه على عباده بالمغفرة، وقد جرت سُنة اللَّه في سائر الدهر طبعًا باتخاذ يوم أو أيام يتألفون فيها على حال سرور، ولم يُخل اللَّه من ذلك خلقًا من خلقه، ولا أرضًا من أرضه، فلما قدم رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- المدينة وجد لهم يومين يلعبون فيهما، فأبدلهم اللَّه منهما يوم الفطر والأضحى". انظر: "شرح زروق على متن الرسالة" (١/ ٣٨٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>