للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذًا كلمة (عيد) أصلها عِود، ومعلوم أن من العلل الصرفية: أنه إذا وقعت الواو ساكنة بعد كسر فإنها تُقلب ياءً، فيقال في كلمة (عِود) واو وقعت ساكنة بعد كسر فقلبت ياء، فصار (عيد).

لكن قد يرد سؤال هنا: لماذا تجمع على أعياد، ولا يقال: أعواد؟

العلماء تكلموا عن هذه المسألة، وقالوا: إنها تجمع على أعياد؛ إمَّا مراعاة لمفردها الذي دخلته العلة الصرفية، وإما لئلا يلتبس (أعواد) التي هي جمع عيد بـ (أعواد) التي من الخشب، والعيد -كما قلنا- سمي عيدًا؛ لأنه يعود ويتكرر، فيحصل به الفرح والسرور بما أنعم اللَّه به سبحانه وتعالى على المؤمنين بإكمال ذلك الشهر، ومن هنا نجد أنه يكبر في ليلته وفي يومه حتى الذهاب إلى الصلاة، فالمؤمنون يكبرون في ذلك اليوم، والتكبير يكون أوسع وأكثر في عيد الأضحى، وهذه مسائل سيعرض لها المؤلف.

وأول ما بدأ المؤلف التحدث عن الغسل للعيدين، وقد سبق الحديث عن الغسل بالنسبة لصلاة الجمعة، والكلام هناك يختلف عن الكلام هنا، فمن العلماء من يرى أن غسل الجمعة واجب على كل محتلم، كما ورد في الأحاديث الصحيحة: "غُسل الجمعة واجبٌ على كل مُحتلم" (١)، لكننا انتهينا في ذاك المقام إلى أن الصحيح هو مذهب جماهير العلماء (٢)، وأن غسل الجمعة ليس واجبًا، وإنما هو سنة ومستحب.


(١) أخرجه البخاري (٨٥٨) ومسلم (٨٤٦) ولفظه: عن أبي سعيد الخدري، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "الغُسل يوم الجمعة واجب على كل محتلم".
(٢) مذهب الحنفية، يُنظر: "الدر المختار" للحصكفي حيث قال: " (وسن لصلاة جمعة) ".
قال ابن عابدين في "حاشيته (رد المحتار) " (١/ ١٦٨): " (قوله: وسُن إلخ) هو من سُنن الزوائد، فلا عتاب بتركه كما في "القهستاني"، وذهب بعض مشايخنا إلى أن هذه الاغتسالات الأربعة مستحبة أخذًا من قول محمد في الأصل: إن غسل الجمعة حَسَن، وذكر في "شرح المنية" أنه الأصح، وقواه في "الفتح"، لكن استظهر تلميذه ابن أمير حاج في "الحلية" استنانه للجمعة؛ لنقل المواظبة عليه".
مذهب المالكية، يُنظر: "شرح مختصر خليل" للخرشي (٢/ ٨٥) حيث قال: " (ص): وسُنَّ غُسل مُتصل بالرواج، ولو لم تلزمه، وأعاد إن تغذى، أو نام اختيارًا، =

<<  <  ج: ص:  >  >>