للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المسألة فيها خلاف، ولا شك أن الأحوط في ذلك والأولى هو أن يكون الغسل بعد صلاة الفجر، لكن لو أن إنسانًا اغتسل قبل صلاة الفجر من ليلته، فالعهد ليس ببعيد، فإن ذلك يكفيه، ولا شيء في ذلك؛ لأن الغسل في الأصل ليس واجبًا، وإنما هو مستحب في هذا المقام.

يرد هنا سؤال: هذا الغسل الذي افتتح به المؤلف هذا الباب قد ورد فيه شيء عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وعن أصحابه -رضي اللَّه عنهم-؟

الجواب: نعم، ورد حديثان عن الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- تكلم العلماء عنهما، وبينوا ضعفهما (١)، ومن العلماء مَن صحح حديثًا ثالثًا في هذا المقام (٢)،


= الغسل) لعيد فطر أو أضحى قياسًا على الجمعة، وظاهر إطلاقه: أنه لا فرق بين من يحضر الصلاة وبين غيره وهو كذلك؛ لأنه يوم زينة فسُنَّ الغسل له بخلاف غسل الجمعة، (ويدخل وقته بنصف الليل)، وإن كان المستحب فعله بعد الفجر؛ لأن أهل السواد يُبكرون إليها مِن قراهم، فلو لم يكف الغسل لها قبل الفجر لشق عليهم، فعلق بالنصف الثاني لقربه من اليوم، كما قيل في أذانه، وقيل: يجوز في جميع الليل، (وفي قول): يدخل وقته (بالفجر) كالجمعة، وفرق الأول بتأخير الصلاة هناك وتقديمها هنا".
مذهب الحنابلة، يُنظر: "كشاف القناع" للبهوتي (٢/ ٥١) حيث قال: " (و) يُسن (الغسل) للعيد في يومها، وهو للصلاة؛ فيفوت بفواتها". وانظر: "المغني" لابن قدامة (٢/ ٢٧٥).
(١) الأول: أخرجه ابن ماجه (١٣١٥) وغيره، عن ابن عباس، قال: كان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- "يَغتسل يوم الفطر ويوم الأضحى"، وضعفه الألباني في "إرواء الغليل" (١٤٦).
والثاني: أخرجه ابن ماجه (١٣١٦) وغيره، عن الفاكه بن سعد -وكانت له صحبة-: "أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يَغتسل يوم الفطر ويوم النحر ويوم عرفة"، وضعفه الألباني في "إرواء الغليل" (١٤٦).
(٢) قال ابن القيم: "وكان يَغتسل للعيدين، صحَّ الحديث فيه، وفيه حديثان ضعيفان: حديث ابن عباس من رواية جبارة بن مغلس، وحديث الفاكه بن سعد من رواية يوسف بن خالد السمتي". انظر: "زاد المعاد" (١/ ٤٢٦).
ومن الأحاديث المرفوعة التي صَحَّت في هذا الباب، ما أخرجه مالك في "الموطأ" (١/ ٦٥)، عن ابن السباق: "أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال في جمعة من الجمع: "يا معشر المسلمين، إنَّ هذا يوم جعله اللَّه عيدًا؛ فاغتسلوا، ومَن كان عنده طيب فلا =

<<  <  ج: ص:  >  >>