للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يتفقون فيها مع الجمهور (١)، وهو الصحيح.

ودليل هذه القاعدة أنَّ الرسول -عليه الصلاة والسلام- قال: "إذا شكّ أحدكم في صلاة فلم يدر أصلى ثلاثًا أم أربعًا فليطرح الشك، وليبْنِ على ما استيقن" (٢).

وهذا نصٌّ صحيح صريح؛ لأنه بذلك يطرح الشك ولبن على اليقين، فإذا شك أصلى ثلاثًا أو أربعًا، يلغي الرابعة ويقتصر على ثلاثة، وإذا شك أصلى أربعًا أو خمسًا فليطرح الشك وليبن على اليقين؛ لأنه إن كان قد صلى أربعًا فهذه الخامسة إنما هي شفاعة له، وإن كان لم يزد فيكون ذلك إرغامًا (٣) للشيطان؛ لأن الشيطان دائمًا يسعى إلى أن يفسد على المؤمن عبادته، فما بالكم بالركن الثاني من أركان الإسلام، وهو عمود هذه الشريعة وقطبها الذي تدور عليه ألا وهي الصلاة، هذه الصلاة التي كان الرسول -عليه الصلاة والسلام- إذا حزبه أمر فزع إليها (٤)، وكان يقول: "أرحنا يا بلال بالصلاة" (٥)، فالشيطان يحرصُ كلَّ الحرصِ أن يُشَوِّش على المؤمن صلاته، ولذلك وضع الرسول -عليه الصلاة والسلام- منهجًا وطريقًا يُغلقُ به على الشيطان ذلك المنفذ.


= شككنا في السبب لم نرتب عليه حكمًا أو في الشرط لم نرتب الحكم أيضًا أو في المانع رتبنا الحكم.
(١) وهو أن اليقين لا يزول بالشك، أو الأصل اليقين لا يزيله شك طارئ عليه، وقد تقدم ذكرها. وانظر: "غمز عيون البصائر" للحموي (١/ ١٩٣) وما بعدها.
(٢) أخرجه مسلم (٥٧١/ ٨٨) وغيره عن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إذا شك أحدكم في صلاته، فلم يدر كم صلَّى ثلاثًا أم أربعًا، فليطرح الشك وليبن على ما استيقن، ثم يسجد سجدتين قبل أن يسلم، فإن كان صلى خمسا شفعن له صلاته، وإن كان صلى إتماما لأربع كانتا ترغيما للشيطان".
(٣) إرغامًا: ذل وانقاد. انظر: "النهاية في غريب الحديث والأثر" لابن الأثير (٢/ ٢٣٩).
(٤) أخرجه أبو داود (١٣١٩) وغيره عن حذيفة، قال: "كان النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا حزبه أمر، صلى". وحسنه الألباني في "صحيح الجامع" (٤٧٠٣).
(٥) أخرجه أبو داود (٤٩٨٦) وغيره عن عبد الله بن محمد ابن الحنفية، قال: انطلقت أنا وأبي، إلى صهر لنا من الأنصار نعوده فحضرت الصلاة فقال لبعض أهله: يا جارية=

<<  <  ج: ص:  >  >>