للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأخبروا بذلك رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: "أفعلت ذلك يا عمرو"؟ فذكر الآية: {وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا} [النساء: ٢٩] فسكت الرسول -صلى الله عليه وسلم- وأقَّره على ذلك (١)، وهذا يعد إقرارًا منه -عليه الصلاة والسلام-.

إذًا؛ [المشقة تجلب التيسير]، فكل أمر فيه مشقةٌ نجد أنَّ الشريعة تخفف فيه، فالسفر مظنة المشقة، فأُبيح للإنسان أن يقصر الصلاة، وأن يجمع بين الصلاتين، وكذلك خُفِّفَ عنه ما يتعلق بالجمعة وأحكام كثيرة جدًّا، ومن هنا انتهى العلماء إلى أن أسباب التخفيف في الشريعة الإسلامية إنما هي أمور سبعة (٢).

الأمر الأول: السفر، والسبب الثاني: هو المرض، والسبب الثالث: هو الإكراه، والسبب الرابع: هو النسيان، والسبب الخامس: هو الجهل، والسبب السادس: هو العسر وعموم البلوى، والسبب السابع: هو النقص.

قد يُشكل على -بعض الإخوة- ما معنى أن الشريعة تخفِّف بسبب النقص؟


(١) أخرجه أبو داود (٣٣٤) وغيره، عن عمرو بن العاص قال: احتلمت في ليلة باردة في غزوة ذات السلاسل فأشفقت إن اغتسلت أن أهلك فتيممت، ثم صليت بأصحابي الصبح فذكروا ذلك للنبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: "يا عمرو صليت بأصحابك وأنت جنب؟ " فأخبرته بالذي منعني من الاغتسال وقلت إني سمعت الله يقول: {وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا} فضحك رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ولم يقل شيئًا. وصححه الألباني في "إرواء الغليل" (١٥٤).
(٢) قال السيوطي في "الأشباه والنظائر" (ص: ٧٧ - ٨٠): واعلم أن أسباب التخفيف في العبادات وغيرها سبعة:
الأول: السفر. الثاني: المرض. الثالث: الإكراه. الرابع: النسيان. الخاص: الجهل. السادس: العسر وعموم البلوى. السابع: النقص فإنه نوع من المشقة إذ النفوس مجبولة على حب الكمال، فناسبه التخفيف في التكليفات. ويُنظر: "الأشباه والنظائر" لابن نجيم (ص: ٦٤ - ٧٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>