للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خلافٍ في هذه المسألة، فإنه قرأ على رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- سورة النجم، وقرأ السجدة، ولم يَسْجد رَسُولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، والأدلةُ والتعليلاتُ في ذَلكَ كَثيرةٌ.

وبهذا يَتَبيَّن أنَّه في الحكم الأول اختلف العلماء في حكم سُجُود التلاوة؛ فمن العلماء مَنْ أوجبَه وهم الحنفية، وجمهور العلماء رَأَوْا أنَّ ذلك ليس بواجبٍ.

ولا شكَّ أن الحق الواضح في نظرنا في ذلك، هو ما ذهب إليه جماهير العلماء من أن سجودَ التلاوة ليس بواجبٍ، وإنما هو سُنَّةٌ، ورسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قد سجد مرةً في سورة (ص)، ولم يسَجد مرةً أُخرى، وإن كان هناك خلافٌّ في سجدة (ص)؛ هل السجود فيها من عزائم السجود أو أن السجود فيها إنما هو سجود شكرٍ كما ذكر رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بأنها تَوْبةُ نبي اللَّه داود عليه السلام {وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ} [ص: ٢٤].

* قوله: (وَسَبَبُ الخِلَافِ: اخْتِلَافُهُمْ فِي مَفْهُومِ الأَوَامِرِ بِالسُّجُودِ، وَالأَخْبَارِ الَّتِي مَعْنَاهَا مَعْنَى الأَوَامِرِ بِالسُّجُودِ).

وأوامرُ السجود لم يَذْكر منها المؤلفُ شيئًا، ومنها الآية التي مرَّتْ: {فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا (٦٢)} [النجم: ٦٢]، وهذه فيها أمرٌ، وكذلك: {فَمَا لَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (٢٠) وَإِذَا قُرِئَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ لَا يَسْجُدُونَ (٢١)} [الانشقاق: ٢٠، ٢١]، وقد ذكرت أن الحنفيَّة لم يستدلُّوا بقول اللَّه سبحانه اللَّه في آخِرِ سورة الحج: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ} [الحج: ٧٧]؛ لأنهم لا يَرَون سجودًا فيها، وهُمْ يَرَون السجودَ في سورة (ص) إلى جانب الثلاثة، المفصَّل وبقية السجدات، وسيأتي هذا مفصَّلًا إن شاء اللَّه.

* قوله: (مِثْلُ قَوْلِهِ تَعَالَى: {إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَنِ خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا (٥٨)} [مريم: ٥٨]).

وهذه ليست أمرًا، ولكنها جاءت بمعنى الخبَر، فتضمنت الأمر وإنْ جَاءَت بمعنى الخَبَر.

<<  <  ج: ص:  >  >>