للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هَذَا أن ما ورد فيه الإشارة إلى السجود ليست كلها عزائم؛ لأن هناك السجدة التي وَرَدتْ في سورة (ص)، وأكثر العُلَماء لا يرى السجود عندها، وإن سُجِدَ عندها فهي سجدةُ شُكْرٍ.

ومن العلماء مَنْ لا يرى السجود في الآية الثانية في سورة الحج التي أشار اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى في قوله: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (٢٠٠)} [آل عمران: ٢٠٠].

* قوله: (فَإِنَّ مَالِكًا قَوْلُهُ فِي "المُوَطَّإ" (١): الأَمْرُ عِنْدَنَا أَنَّ عَزَائِمَ سُجُودِ القُرْآنِ إِحْدَى عَشْرَةَ سَجْدةً لَيْسَ فِي المُفَصَّلِ مِنْهَا شَيْءٌ).

فهناك عشر سجدات متفق عليها بين العلماء جملة؛ سجدة في سورة الأعراف، والنحل، والرعد، والإسراء، ومريم، والفرقان، والسجدة، والأولى في سورة الحج، وكذلك التي في سورة فصلت.

هذه العشر متفق عليها بين العلماء، والإمام الشافعي في إحدى الروايتين عنه يتفق مع الإمام مالك في أنَّ عزائم السجود إنما هي إحدى عشرة سجدة، لكنهما يختلفان في سجدة واحدة؛ فالشافعي لا يرى أنَّ ما في سورة ص إنما هي من عزائم السجود، وإنما يرى السجود فيها سجود شكر؛ لأنها توبة نبي كما أشار إلى ذلك رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، لكنه يرى الثانية في سورة الحج، أما الإمام مالك فيرى: أن ما في سورة ص إنما هي من عزائم السجود ولا يرى الثانية كأبي حنيفة في سورة الحج، وسبب ذلك أن الإمامين -أبي حنيفة ومالك- لا يريان الثانية في سورة الحج، وتعليل ذلك: أنهما نُقلا عنهما أنهما قولها: إنَّ الركوع ذُكر معها يعني ذُكر مع السجود؛ لأن اللَّه -تعالى- قوله: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا} [الحج: ٧٧]، فجاء السجود مقرونًا بالركوع، قولهوا: فلا ركوع


(١) يُنظر: "الموطأ" للإمام مالك (١/ ٢٠٦)؛ حيث قوله: "الأمر عندنا أن عزائم سجود القرآن إحدى عشرة سجدة. ليس في المفصل منها شيء".

<<  <  ج: ص:  >  >>