يجيبُ الإجابة الصحيحة التي سنتعرض لها -إن شاء اللَّه- في جملة الأحاديث التي ستَمُرُّ بِنَا.
* قوله:(والكلام في هذا الكتاب -وهي حقوق الأموات على الأحياء- ينقسم إلى ست جُمَلٍ).
هنا عَرض المؤلف مسألة ينبَغِي أن ننتَبِهَ لها؛ فهذه الشريعة ما طرَقَ العالَمَ شريعةٌ مثلها، فإنها اهتمَّتْ بحياة الإنسان في كل أحواله سَفَرًا كان أو حضرًا، في حالة نومِهِ أو في حالة يقَظَتِهِ، وإذا كان اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى قد كرَّم المؤمنين في وقت حياتهم فإن هذه الشريعة أيضًا أثبَتَتْ أن لهم حقوقًا بعد مَماتهم، فنحن نجِدُ أن رسولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- يُكثر من زِيارَةِ المَرْضَى ويمسحُ على رأس المَريضِ ويدْعو له -عليه الصلاة والسلام- بالشِّفاءِ، وكذلك كان أصحابُ رسولِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وكان -عليه الصلاة والسلام- يَحْضُرُ الجنائز ويصلي عليها ويمْشِي فيها ويحضر الدَّفن، كل ذلك كان من رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وكذلك كان أصحابه يفعلون ذلك.
فهذه الشريعة عُنِيَت بحقوق المسلم، والمسلم إذا ماتَ تَبْقَى له حقوق، فالمسلم بحاجة إلى من يُغسِّله، ومن يكفِّنه، والمسلم بحاجَةٍ إلى من يُصَلِّي عليه، وهو كذلك بحاجة إلى من يحمل جنازته ويسيرُ بها، ثم بعد ذلك يحفِرُ قبْرَهُ ويوضع فيه، ثم بعد ذلك يودَّع.
وعندما ينتهي المسلم في هذه الحياة فلا يُلْقَى جثَّة من الجثث، وإنما تَبْقى حرمته بعد مماته كحُرْمتِهِ قبل وفاته، فحرمة أمواتِنَا كحُرمة أحيَائِنَا.
عند الاحتضار، عندما تبْدُو على المسلم علامات الموت فإنه في هذا المقام يُلقَّن شهادة (لا إله إلا اللَّه)، ومعلوم ما لهذِهِ الشهادَةِ من مكانَةٍ، وهذه الشهادة التي هي كلمة التوحيدِ هي التي ستَجِدُها معك يوم القيامة يوم لا ينفَعُ فيه مالٌ ولا بنون، متى ما أديتَ هذه الشهادة، متى ما نَطَقْتَ