للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا يُعترض عليهم، بأنهم لا يرون: مسح العقبين ولا الطرفين، فهناك مواضع لا يمسح فيها في الخفين، بل إنّ الشافعية يرون (١): الواجب أن يُمسحَ على جزء أقل ما يُسمّى بمسح.

ولكن ما هو القدر الذي يُمسح؟ والجواب: هذا محلُّ خلاف بين العلماء.

إذًا الرأي الأول: وجوب المسح على أعلى الخف مع استحباب أسفله، ودليلهم هذا الحديث الضعيف.

ويُضاف إلى ذلك قياس مسح الخفين على الوضوء من حيث التعميم.

والاخرون استدلوا بحديث عليّ -رضي الله عنه- وقالوا: هو حديث صحيح، وهو نصّ في المُدْعَى فينبغي الوقوف عنده.

ثم يقولون: تلتقي الآراء في أنّ من مسح على بعض الخفّ أجزأه، ولا يَلزم القول بمسح جميعه، فالشافعية يرون (٢): أنّ المسح هو أقلُّ ما يطلق عليه مسح، يعني: لو مسح بعض أعلى الخفّ لكفاه هذا، والحنابلة لا يرون (٣): أن الواجب في ذلك مسح أكثره، والمالكية يرون (٤): تعميم مسح الأعلى، والحنفية (٥) يحدونه بثلاثة أصابع، وسبب ذلك عند الحنفية:


(١) سيأتي ذكر مذهبهم فيها.
(٢) يُنظر: "تحفة المحتاج" للهيتمي (١/ ٢٥٤) حيث قال: "ويكفي مسمى مسح كما في الرأس … يحاذي الفرض إلا باطن ما يحاذي الفرض اتفاقًا، وإلا ظاهر ما يحاذي أسفل الرجل وعقبها وهو مؤخر القدم، فلا يكفي مسح ذلك على المذهب؛ لأنه لم يرد الاقتصار عليهما وثبت على الأعلى".
(٣) يُنظر: "شرح منتهى الإرادات" للبهوتي (١/ ٦٧) حيث قال: "ويجب مسح أكثر أعلى خف ونحوه كجرموق وجورب، جعلا للأكثر كالكل، ولا يسن استيعابه".
(٤) يُنظر: "الشرح الكبير وحاشية الدسوقي" للدردير (١٤٦١١) حيث قال: "ويمرهما بضم حرف المضارعة لأنه من أمر لكعبيه ويعطف اليسرى على العقب حتى يجاوز الكعب وهو منتهى حد الوضوء".
(٥) يُنظر: "مختصر القدوري" (ص: ١٧) حيث قال: "وفرض ذلك مقدار ثلاث أصابع من أصغر أصابع اليد".

<<  <  ج: ص:  >  >>