للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، أَنَّهَا قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، يَقُولُ: "مَا مِنْ مُسْلِمٍ تُصِيبُهُ مُصِيبَة، فَيَقُولُ مَا أَمَرَهُ اللَّهُ: {إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ}، اللهُمَّ أجُرْنِي فِي مُصِيبَتِي، وَأَخْلِفْ لِي خَيْرًا مِنْهَا، إِلَّا أَخْلَفَ اللَّهُ لَهُ خَيْرًا مِنْهَا"، قَالَتْ: فَلَمَّا مَاتَ أَبُو سَلَمَةَ، قُلْتُ: أَيُّ الْمُسْلِمِينَ خَيْر مِنْ أَبِي سَلَمَةَ؟ أَوَّلُ بَيْتٍ هَاجَرَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، ثُمَّ إِنِّي قُلْتُهَا، فَأَخْلَفَ اللَّهُ لِي رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، قَالَتْ: أَرْسَلَ إِلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- حَاطِبَ بْنَ أَبِي بَلْتَعَةَ يَخْطُبُنِي لَهُ، فَقُلْتُ: إِنَّ لِي بِنْتًا وَأَنَا غَيُورٌ، فَقَالَ: "أَمَّا ابْنَتُهَا فَنَدْعُو اللَّهَ أَنْ يُغْنِيَهَا عَنْهَا، وَأَدْعُو اللَّهَ أَنْ يَذْهَبَ بِالْغَيْرَةِ" (١).

(فَإِنَّ الْجُمْهُورَ (٢) عَلَى تَرْكِ غُسْلِهِ لِمَا رُوِيَ: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- أَمَرَ بِقَتْلَى أُحُدٍ فَدُفِنُوا بِثِيَابِهِمْ وَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِمْ") (٣).


(١) أخرجه مسلم (٩١٨).
(٢) مذهب الأحناف، يُنظر: "شرح مختصر الطحاوي" للجصاص (٢/ ١٩٧)؛ حيث قال: "قال أبو جعفر: (ومن قتل في المعركة لم يغسل، وصلي عليه، ودفن في ثيابه، إلا أنه ينزع الحشو من الجلد والفرو والسلاح، ويزيدون ما شاؤوا، وينقصون ما شاؤوا) ".
مذهب المالكية، يُنظر: "المدونة" (١/ ٢٥٨)؛ حيث فيها: "في الشهيد وكفنه ودفنه والصلاة عليه قال: وقال مالك: من مات في المعركة فلا يغسل ولا يكفن ولا يصلى عليه، ويدفن بثيابه قال: ورأيته يستحب أن يترك عليه خفاه وقلنسوته".
مذهب الشافعية، يُنظر: "الأم" للشافعي (١/ ٣٠٤)؛ حيث قال: " (قال الشافعي -رحمه اللَّه تعالى-): وإذا قتل المشركون المسلمين في المعترك لم تغسل القتلى، ولم يُصَلَّ عليهم ودُفِنوا بكُلُومهم ودمائهم، وكفَّنهم أهلُوهم فيما شاؤوا كما يكفَّنُ غيرهم إن شاؤوا في ثيابهم التي تشبه الأكفان وتلك القمص والأزر والأردية، والعمائم لا غيرها، وإن شاؤوا سلبوها وكفنوهم في غيرها كما يصنع بالموتى من غيرهم، وتنزع عنهم ثيابهم التي ماتوا فيها".
مذهب الحنابلة، يُنظر: "مسائل الإمام أحمد وإسحاق بن راهويه" (٣/ ١٣٩٦)؛ حيث قال: "قلت: وهل يغسل الشهيد؟ قال: إذا مات في المعركة لم يغسل".
(٣) أخرج البخاري (١٣٤٤): عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ -رضي اللَّه عنهما-، قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- يَجْمَعُ بَيْنَ =

<<  <  ج: ص:  >  >>