للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

معركة أُحُدٍ هي التي وقعت في الموقع الذي في المدينة قرب جبل أُحُد، والنَّصرُ فيها كان في أول الأمْرِ لرسولِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وللمؤمنين، لَكن عندما تعجَّل الرُّماة، وما قَصَدوا مخالفةَ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قصدًا، وَلَكن حَصل ذلك بأن تَرَكُوا مَواقعَهم؛ فاستغلَّ العدوُّ تلك الفرصة، فانقضَّ عليهم، وأحاط بهم كالسِّوار، فنزل بالمسلمين ما نزل من البلاء، وقُتِلَ عددٌ من المسلمين.

لَا شكَّ أنَّ هذه المعركَةَ فيها دروسٌ كثيرةٌ جدًّا مهما حاول الإنسان أن يَتنَاولها، لَكن في هذا المقام من أهمِّ ما فيها من دروسٍ أنَّ مخالفَةَ القائد يترتب عليها ضَررٌ، فهؤلاء خرجوا وتركوا مواقِعَهم ليجمعوا الغنائم على أن النصر قد ظهر وتَبَيَّن للمؤمنين، فكانت النتيجة أن التفَّ عليهم المشركون، وأوقعوا السيف بالمؤمنين، وممن مسَّه أذى في ذلك المقام رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، ولا شك أن هذا مما يُبْتَلى به المؤمنون: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ (٣١)}.

إذن، يُبْتَلَى المؤمن في أمورٍ، فَيُخْتَبر فيها، فالمؤمنون ابتلوا في ذلك، هذا درسٌ من الدروس، ونحن نَعْلَم قبل ذلك في موقعة بَدْرٍ كَمْ كان عدد المؤمنين، وكم كان عدد أعدائهم، المؤمنون قِلُّة، وسلاحهم لا يُقَارن بسلاح أعْدائهم، لكن اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى كان معهم، ورسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- لما كان في الغارِ وأبو بكرٍ معه، والمشركون يمرُّون بجِوارِهم ويَرَوْن أقدامَهم، ويخاف أبو بكر على رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- لا على نفسه، ويقول: {ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا}، إذن تمرُّ بالمسلمين بعض المصائب، فينبغي أن يصبروا عليها.

إذًا، هَذِهِ المَعْركة قُتِلَ فيها عَددٌ من المسلمين، وهم -بلا شكٍّ- شهداء عند ربهم يرزقون، فأمر رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بدفنهم.


= الرَّجُلَيْنِ مِنْ قَتْلَى أُحُدٍ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ، ثُمَّ يَقُولُ: "أَيُّهُمْ أَكْثَرُ أَخْذًا لِلْقُرْآنِ"، فَإِذَا أُشِيرَ لَهُ إِلَى أَحَدِهِمَا قَدَّمَهُ فِي اللَّحْدِ، وَقَالَ: "أَنَا شَهِيدٌ عَلَى هَؤُلَاءِ يَوْمَ القِيَامَةِ"، وَأَمَرَ بِدَفْنِهِمْ فِي دِمَائِهِمْ، وَلَمْ يُغَسَّلُوا، وَلَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِمْ".

<<  <  ج: ص:  >  >>