للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذًا، من قاتل لتكون كلمة اللَّه هي العليا، فهو في سبيل اللَّه: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (١٦٩)}، هؤلاء الذين قُتلوا في المعركة هم الذين يأتون في مقدمة الشهداء.

إذًا، الشهداء نوعان: شهيد قُتِلَ في المعركة؛ فهذا أكثر العلماء يذهبون إلى أن هؤلاء لا يُغَسَّلون، ولا يُصَلّى عليهم، ودليل ذلك ما حَصل لشهداء أُحُدٍ.

وبالنظر إلى ما ذكره اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عن نبيه يوسف عليه السلام: {رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ (١٠١)}، نجد أن اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يَسَّرَ لَه جميع أسباب الراحة في هذه الدنيا بعد أن نال ما نال من الشَّقاء والتَّعب، فهو لا يتمنى الموت لضرٍّ ونحوه، ولكنه يسأل اللَّه -تعالى- أن يُميتَه على الإسلام بعد أن وفقه اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وبعد أن خلصه من تلك الأمور التي خيطت حبالها، وَشِيكَتْ حوله، بعد أن أنقذه اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وجعله حاكمًا على مصر، أعطاه اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أمرًا عظيمًا، وشيئًا كثيرًا في هذه الحياة، فما كان منه إلا أن يشكر اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، ولا شك أن من أجلِّ ما يتمناه الإنسان في هذه الحياة أن يميتَه اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى مسلمًا، وأن يتوفَّاه في الصالحين.

إذًا، هؤلاء الشهداء الذين يُقتَلون في المعركة يقول العلماء: لا يُغسَّلون، ولا يُصلَّى عليهم، فهم في الحالة التي هم عليها نِعْمَ الحالة حتى وإن اختلطت بهم دماؤهم، لكن العلماء يقولون: يُنزع عنهم الحَدِيدُ والجُلود، ويختلفون بعد ذلك بما عليهم من فَرْوٍ وغيره هل يُنزَع أو لا، فبعض العلماء يرى أنها تبْقى، وبعضهم يرى أنها تُؤْخذ من أجسادِهِم.

* قوله: (وَكَانَ الْحَسَنُ، وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ يَقُولَانَ: "يُغَسَّلُ كُلُّ مُسْلِمٍ فَإِنَّ كُلَّ مَيِّتٍ يُجْنِبُ" (١)).


(١) أخرج عبد الرزاق (٦٦٥٠): عَنِ الْحَسَنِ، وَابْنِ الْمُسَيِّبِ، قَالَا: "يُغَسَّلُ الشَّهِيدُ فَإِنَّ كُلَّ مَيِّتٍ يُجْنبُ".

<<  <  ج: ص:  >  >>