للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ، قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ (١): لَا يُوَضَّأُ الْمَيِّتُ).

هذه مسألة أُخرى أدرج المؤلف بعضها في بعضٍ، هل يُوَضَّأ الميت أو يُكتَفى بغَسل الميت؟ هذه المسألة فيها خلاف.

مِنَ العلماء مَنْ قال: يُوضَّأ، ويستدلُّون بحديث أُمِّ عطية عندما قال لها رَسُولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في قصة تغْسِيلِ ابنتِهِ: "اغْسِلْنَها بِمَاءٍ وسِدْرٍ"، وفي بعض الروايات جاءت: "ابْدَأْنَ بِمَيَامِنِهَا وَمَوَاضِعِ الوُضُوءِ مِنْهَا".

ومن هنا نجد أن العلماء يقولون: يُوضَّأ، ويُغْسل الكفَّان، ثم بعد ذلك يُمَضمض أو أنه تُلَفُّ خِرْقةٌ وتُنَظف الأسنان، وَكَذلك بالنسبة للأنف، ثم بعد ذلك يُغسل الوجه واليدان إلى أن يُسْتكمل الوضوء المعروف، فأكثرُ العلماءِ على أن الميت يُوضَّأ، وبعضهم لا يرى ذلك.

(وَقَالَ الشَّافِعِيُّ (٢): يُوَضَّأُ).

وأحمد.

(وَقَالَ مَالِكٌ (٣): إِنْ وُضِّئَ فَحَسَنٌ (٤). وَسَبَبُ الْخِلَافِ فِي ذَلِكَ:


(١) يُنظر: "شرح مختصر الطحاوي" للجصاص (٢/ ١٨٧)؛ حيث قال: " (ولا يمضمض، ولا ينشق)؛ وذلك لأنه لا يتهيأ ذلك فيه؛ لأن المضمضة والاستنشاق ليس هو حصول الماء في الفم والأنف فحسب؛ لأنه لو شرب الماء لم يكن تمضمضًا، ولا مؤدبًا لسنة الطهارة، والمضمضة أن يأخذ الماء في فيه، فيديره فيه بالمضمضة، ثم يمجه، والاستنشاق أن يجذب الماء بنفسه إلى أنفه، وذلك غير ممكن في الميت، فلذلك سقط في غسله".
(٢) يُنظر: "المهذب" للشيرازي (١/ ٢٣٩)، حيث قال: "ثم يُوَضَّأ كما يتوضأ الحي لما روت أم عطية قالت: لما غسلنا ابنة رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال لنا: "ابدؤوا بمَيامِنها ومواضع الوضوء"، ولأن الحي يتوضأُ إذا أراد الغسل".
(٣) يُنظر: "المدونة" (١/ ٢٦٠)؛ حيث فيها: "قلت: هل يوضأ الميت وضوء الصلاة في فول مالك إذا أرادوا غسله؟ قال: لم يحد لنا مالك في ذلك حدًّا، وإن وضئ فحسن وإن غسل فحسن".
(٤) وهو مذهب الأحناف: "شرح منتهى الإرادات" للبهوتي (١/ ٣٤٩)؛ حيث قال: " (ثم =

<<  <  ج: ص:  >  >>