للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُعَارَضَةُ الْقِيَاسِ لِلأَثَرِ. وَذَلِكَ أَنَّ الْقِيَاسَ يَقْتَضِي أن لا وُضُوءَ عَلَى الْمَيِّتِ، لأَنَّ الْوُضُوءَ طَهَارَة مَفْرُوضَة لِمَوْضِعِ الْعِبَادَةِ، وَإِذَا أُسْقِطَتِ الْعِبَادَةُ عَنِ الْمَيِّتِ سَقَطَ شَرْطُهَا الَّذِي هُوَ الْوُضُوءُ، وَلَوْلَا أَنَّ الْغُسْلَ وَرَدَ فِي الْآثَارِ لَمَا وَجَبَ الغُسْلُ).

لَوْ تزوج المُسْلم ذميَّةً، هل يجوز لها أن تغسله؟ يقولون: لا يجوز لها أن تغسله، وهذا هو الرأي الصحيح؛ لأن النية واجبة في الغُسل، ومعنى هذا أنه عبادة، والنية واجبة، والذمية ليست من أهل العبادات، فلا يجوز أن تُغَسل.

إذًا، كونها عبادةً تُشْتَرط فيها النِّية وغير ذلك، فتغسيل الميت عبادة؛ لأن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أمر بذلك.

(وَظَاهِرُ حَدِيثِ أُمِّ عَطِيَّةَ الثَّابِتِ أَنَّ الْوُضُوءَ شَرْطٌ فِي غُسْلِ الْمَيِّتِ لأَنَّ فِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- قَالَ فِي غُسْلِ ابْنَتِهِ: "ابْدَأْنَ بمَيَامِنِهَا وَمَوَاضِعِ الْوُضُوءِ مِنْهَا" وَهَذِهِ الزِّيَادَةُ ثَابِتَة خَرَّجَهَا الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ (١)).

إذًا، هذا نصٌّ عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فيه البدء بالميامن ومواضع الوضوء، وهذا هو الوضوء، إذًا الوضوء مشروع، إذًا القول الراجح في هذه المسألة هو الوضوء، ثمَّ إنَّ الوضوء أحفظ، يعني: تَوْضئة الميت أحوط من تركِ الوضوء؛ لأنَّ من العلماء من يرى الوضوء، ومنهم مَنْ لا يرى ذلك، فمن أخذ بتَوضِئَةِ الميِّت خرَج من الخلاف، ومَنْ ترَكه بقي في الخلاف، فأيضًا إلى جانب كون ذلك أقوى دليلًا هو أيضًا أحوط من حيث الحكم.


= يوضئه) استحبابًا كاملًا لحديث أم عطية مرفوعًا في غسل ابنتها: "ابدأن بميامنها ومواضع الوضوء منها"، رواه الجماعة، وكغسل الجنابة".
(١) أخرجه البخاري (١٦٧)، ومسلم (٩٣٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>