للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَرَأَى أَنَّ مَا فَوْقَ ذَلِكَ مُبَاحٌ لِقَوْلِهِ -عليه الصلاة والسلام-: "أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ إِنْ رَأَيْتُنَّ" (١)، وَأَمَّا أَحْمَدُ فَأَخَذَ بِأَكْثَر وِتْرٍ نُطِقَ بِهِ فِي بَعْضِ رِوَايَاتِ الحَدِيثِ، وَهُوَ قَوْلُهُ -عليه الصلاة والسلام-: "أَوْ سَبْعًا").

لَكن عند الحنابلة "ثلاث" الأفضل عندهم فيما لم يخرج شَيءٌ من بدنه.

(وَأَمَّا أَبُو حَنِيفَةَ فَصَارَ فِي قَصْرِهِ الْوِتْرَ عَلَى الثَّلَاثِ لِمَا رُوِيَ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ سِيرِينَ كَانَ يَأْخُذُ الْغُسْلَ عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ: "ثَلَاثًا، يُغَسَّلُ بِالسِّدْرِ مَرَّتَيْنِ، وَالثَّالِثَةَ بِالْمَاءِ وَالْكَافُورِ" (٢). وَأَيْضًا فَإِنَّ الْوِتْرَ الشَّرْعِيَّ عِنْدَهُ إِنَّمَا يَنْطَلِقُ عَلَى الثَّلاثِ فَقَطْ).

سَيَأْتِي أيضًا تنبيه المؤلف أنه ينبغي أن يكونَ من بين الغسلات غسله بماء قرَاح.

(وَكَانَ مَالِكٌ يَسْتَحِبُّ أَنْ يُغسَّلَ فِي الأوْلَى بِالْمَاءِ الْقِرَاحِ).

المقصود بالماء القراح: الماء الصافي النقي يعني: المُجرد من كل شيءٍ حتى يبقى بدنه نَظِيفًا لا يعلَقُ به شيء، وبَعْضهم يطلق القراح الآن على الحلو، ولا مانعَ أن يكون الماء القراح حلوًا صافيًا.

(وَفِي الثَّانِيَةِ بِالسِّدْرِ، وَفِي الثَّالِثَةِ بِالمَاءِ وَالكَافُورِ).

فَالقَصْد من ذلك هو التنظيف، فَإنْ لم يوجد سدرٌ أو غيره، ووجد ما يُسْتعمل محله مما يُنقي ويُنظف فذلك كافٍ؛ لأن ذلك هو الذي كان معروفًا، لكن إن وُجِدَ بديل عنه فذلك جائز؛ لأن القصد من ذلك هو


(١) أخرجه البخاري (١٢٥٣)، ومسلم (٩٣٩).
(٢) أخرجه أبو داود (٣١٤٧)، وقال الأرناؤوط: إسناده صحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>