للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَجَمَاعَةٌ (١). وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ (٢): أَقَلُّ مَا تُكَفَّنُ فِيهِ الْمَرْأَةُ ثَلَاثَةُ أَثْوَابٍ، وَالسُّنَّةُ خَمْسَةُ أَثْوَابِ، وَأَقَلُّ مَا يُكَفَّنُ فِيهِ الرَّجُلُ ثَوْبَانِ، وَالسُّنَّةُ فِيهِ ثَلَاثَةُ أَثْوَابٍ. وَرَأَى مَالِكٌ (٣) أَنَّهُ لَا حَدَّ فِي ذَلِكَ، وَأَنَّهُ يُجْزِئُ ثَوْبٌ وَاحِدٌ فِيهِمَا إِلَّا أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ الْوِتْرُ).

يعني الحديثين المذكورين آنفًا، فهل معنى هذا أن الميت لا يُكفن في أقل من ثلاثة أثواب؟ أو أن المقصود أنه الأَوْلى والأكمل؟

وقَدْ ورد أن مصعب بن عمير -رضي اللَّه عنه- لم يجدوا عند تَكفِينه إلا ثوبًا واحدًا؛ إذا غُطي به رأسه خرجت رِجلاه، وإذا غُطيت رجلاه خرج رأسُهُ، فأرشدهم رَسُول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- إلى أن يغطوا رأسه بالثوب، وأن يستروا ما ظهر من رجليه بالإذْخِرِ.

لذلك، اختلف العلماء في إنسانٍ أُدخل القبر دون أن يُكَفن، هل يُنْبش قبره فيُكفن أو يُترك؟ فبعض العلماء قال: يُنبش؛ لأن الكفن مطلوب. وبعضهم قال: لا؛ لأن النبش فيه نوعٌ من التعدي، فكأنه مُثْلةٌ، والقصد من التكفين إنما هو ستر الميت، وقد سُتِرَ بالتراب، والتراب كافٍ.

* قوله: (وَسَبَبُ اخْتِلَافِهِمْ فِي التَّوْقِيتِ فِي مَفْهُومِ هَذَيْنِ الأَثَرَيْنِ، فَمَنْ فَهِمَ مِنْهُمَا الإِبَاحَةَ لَمْ يَقُلْ بِتوْقِيت إِلَّا أَنَّهُ اسْتَحَبَّ الْوِتْرَ لِاتِّفَاقِهِمَا فِي الْوِتْرِ، وَلَمْ يُفَرِّقْ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَالرَّجُلِ، وَكَأَنَّهُ فَهِمَ مِنْهُمَا


(١) يُنظر: "الأوسط" لابن المنذر (٥/ ٣٥٦)؛ حيث قال: "فقال كثير من أهل العلم: تكفن المرأة في خمسة أثواب كذلك قال النخعي، والشعبي، ومحمد بن سيرين، وبه قال الأوزاعي".
(٢) يُنظر: "مختصر القدوري" (ص: ٤٧)؛ حيث قال: "والسنة أن يكفن الرجل في ثلاثة أثواب. . . وتكفن المرأة في خمسة أثواب. . . فإن اقتصروا على ثلاثة أثواب جاز".
(٣) يُنظر: "الكافي في فقه أهل المدينة" لابن عبد البر (١/ ٢٧٢)؛ حيث قال: "ويكفن الرجل في ثلاث أثواب،. . . وتكفن المرأة في خمسة أثواب، ويستحب الوتر في الكفن، وإن كفن في ثوب واحد أجزأ".

<<  <  ج: ص:  >  >>